مسألة : قال
الشافعي : " ولو
قال الإمام للجالد : إنما أضرب هذا ظلما ضمن الجالد والإمام معا " . قال
الماوردي : وهذه مسألة قد استوفيت في كتاب الجنايات . فإذا أمر الإمام
[ ص: 421 ] بضرب رجل أو بقتله ظلما ، فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : ألا يعلم الجلاد بظلم الإمام ، أو يعتقد فيه أنه بحق : لأن الإمام العادل لا يقدم على القتل إلا بحق . فالضمان على الإمام دون الجلاد : لأنه ملتزم للطاعة ، فقام أمره مقام فعله لنفوذه . والقسم الثاني : أن يعلم الجلاد بظلم الإمام ، إما بأن يقول له : الإمام أن اضرب هذا ظلما بغير حد . أو يعلم ذلك من غير الإمام ، ولا يكون من الإمام إكراه للجلاد ، فالضمان هنا على الجلاد دون الإمام في القود والدية : لأنه مختار .
والقسم الثالث : أن يعلم الجلاد بظلم الإمام ، والإمام مكره له عليه ، فلا قود على الإمام إلا من واجب ، وفي وجوبه على الجلاد المباشر قولان . فإن سقط القود ، فإن قيل : إنه لو وجب كان عليه مع سقوط القود عنهما .
وإن قيل : لو وجب كان على الإمام دون الجلاد . ففي الدية وجهان :
أحدهما : على الإمام وحده ، اعتبارا بالقود .
والوجه الثاني : أنها عليهما نصفين ، وهذان الوجهان من اختلاف أصحابنا في سقوط القود عن الجلاد بأي علة سقط . فعلى تعليل
البغداديين أن سقوط القود لشبهة الإكراه ، فعلى هذا : تكون الدية بينهما نصفين . وعلى تعليل
البصريين أن سقوط القود لأن الإكراه نقل حكم الفعل إلى المكره ، فعلى هذا : تكون الدية كلها على الإمام .