مسألة : قال
الشافعي : "
ويضرب الرجل في الحد والتعزير قائما ، وتترك له يده يتقي بها ، ولا يربط ولا يمد .
والمرأة جالسة وتضم عليها ثيابها ، وتربط لئلا تنكشف ، ويلي ذلك منها امرأة " .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام في صفة السوط والضرب .
فأما صفة المضروب : فلا يخلو إما أن يكون رجلا أو امرأة . فإن كان رجلا ضرب قائما ولم يصرع إلى الأرض ، ووقف مرسلا غير مشدود ولا مربوط ، وترسل يده ليتوقى بها ألم الضرب إن اشتد به : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد من حده على هذه الصفة .
فأما ثيابه فلا يجرد منها ، وتترك عليه : لتواري جسده ، وتستر عورته ، إلا أن يكون فيها ما يمنع من ألم الضرب ، كالفراء والجياب الحشوة ، فتنزع عنه ويترك ما عداها مما لا يمنع ألم الضرب .
وروي عن
عبد الله بن مسعود ، أنه قال : ليس في ديننا مد ولا قيد ولا غل ولا تجريد .
فأما المرأة فتضرب جالسة : لأنها عورة ، وجلوسها أستر لها ، وتربط عليها ثيابها : لئلا تنكشف فتبدو عورتها ، وتقف عندها امرأة تتولى ربط ثيابها ، وتستر ما بدا ظهوره من جسدها ، ويتولى الرجال ضربها دون النساء : لأن في مباشرة النساء له هتكه .
قد أحدث المتقدمون من ولاة
العراق ضرب النساء في صفة من خوص أو غرارة من شعر ليسترها ، وذلك حسن ، والغرارة أحب إلينا من الصفة : لأن الصفة تدفع من ألم الضرب ما لا تدفعه الغرارة . فلو خالف الجلاد ما وصفنا ، وضرب الرجل جالسا أو
[ ص: 437 ] مبطوحا ، وضرب المرأة قائمة أو نائمة ، أساء وأجزأه الضرب ولا يضمنه ، وإن أفضى إلى التلف : لأنها تغيير حال لا زيادة ضرب .