مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " ولا يبلغ بعقوبة أربعين : تقصيرا عن مساواة عقوبة الله تعالى في حدوده " .
قال
الماوردي : فقد ذكرنا أن
التعزير مباح ، وليس بواجب ، وأنه
لا يجوز أن يبلغ بأكثره أدنى الحدود ، وغايته تسعة وثلاثون : لأن
أدنى الحدود حد الخمر وهو أربعون .
روى
النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من ضرب حدا في غير حد ، فهو من المعتدين .
فإن قال أصحاب
مالك في تجويزهم الزيادة في ضرب التعزير على أكثر الحدود : ليس مع هذا الخبر من مساواة التعزير في الحدود .
روى
أبو بردة بن نيار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924809لا جلد فوق عشر جلدات ، إلا في حدود الله فهلا منعكم هذا الخبر من الزيادة على العشرة في التعزير ، وأنتم لا
[ ص: 439 ] تمنعون من الزيادة عليها مع ما روي فيها .
قيل : هذا الحديث لم يثبت عند
الشافعي من وجه يجب العمل به ، فإن صح وثبت ، فقد اختلف أصحابنا في وجوب العمل عليه على وجهين :
أحدهما : وهو الظاهر من قول
أبي العباس بن سريج أن العمل به واجب ، ولا تجوز الزيادة في ضرب التعزير على عشر جلدات ، ويكون هذا مذهبا
للشافعي : لأن من مذهبه ، أن كل ما قاله وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه ، فهو أول راجع عنه .
والوجه الثاني : وهو قول كثير من أصحابه أنه لا يجوز العمل به وإن صح : لجواز أن يرد في ذنب بعينه أو في رجل بعينه ، فلا يجب حمله في عموم الذنوب ولا على عموم الناس .