مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " وإذا
قامت لمرتد بينة أنه أظهر القول بالإيمان ، ثم قتله رجل يعلم توبته أو لا يعلمها ، فعليه القود " .
قال
الماوردي : أما
المرتد إذا كان غير ممتنع فليس لأحد أن يقتله إلا الإمام : لأن قتله حد فأشبه سائر الحدود التي تختص الأئمة بإقامتها ،
وإن كان المرتد محاربا في منعة جاز أن يقتله كل من قدر عليه ، ولم يختص الإمام بقتله كما يجوز قتل أهل الحرب .
فإذا قتل مسلم مرتدا فادعى وليه أنه قد كان أسلم ، وأنكر القاتل إسلامه ، فإن لم يكن لوليه بينة على إسلامه فالقول قول القاتل في بقاء ردته ، ولا ضمان عليه في قتله ، سواء كان في منعة أو غير منعة . فإن أقام وليه البينة على إسلامه ، فإن علم القاتل بإسلامه وجب عليه القود ، وإن لم يعلم بإسلامه ، قال
الشافعي هاهنا وفي كتاب " الأم " : أن عليه القود . وقال في بعض كتبه : لا قود عليه . فاختلف أصحابنا في اختلاف ذلك على وجهين :
أحدهما : أن اختلاف نصه موجب لاختلاف قوله ، فيكون وجوب القود على قولين :
[ ص: 448 ] أحدهما : لا قود عليه : لأن
تقدم الردة شبهة في سقوط القود ، فأشبه
الحربي إذا أسلم ، وقتله من لم يعلم بإسلامه سقط عنه القود وضمنه بالدية ، كذلك إسلام المرتد .
والقول الثاني : وهو أصح : أنه يجب عليه القود : لأن نفسه في الطرفين محظورة وإباحتها مخصوصة ، فاقتضى عموم الحظر وجوب القود ، ولا يسقط بخصوص الإباحة ، وبذلك خالف حكم الحربي الذي هو على عموم الإباحة .
والوجه الثاني : أن اختلاف نصه محمول على اختلاف حالين ، ومن قال بهذا اختلفوا فيها على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة أن الموضع الذي أسقط فيه القود : إذا كانت آثار الردة عليه باقية من قيد أو حبس . والموضع الذي أوجب فيه القود : إذا زالت عنه آثار الردة ، فلم يبق فيه قيد ولا حبس ، ولا اعتبار بشاهد حاله .
والوجه الثاني : وهو الصحيح عندي : أن الموضع الذي أسقط فيه القود : إذا كان في منعة . والموضع الذي أوجب فيه القود : إذا لم يكن في منعة . لأنه ممنوع من قتل غير الممتنع ، وغير ممنوع من قتل الممتنع ، فأجري على كل واحد منهما حكم ما تقدم من تمكين ومنع .