فصل :
وإذا
مرت بهيمة لرجل بجوهرة لآخر فابتلعتها ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون مع البهيمة صاحبها فيضمن الجوهرة : لأن فعل البهيمة منسوب إليه وسواء كانت البهيمة شاة أو بعيرا .
وقال
أبو علي بن أبي هريرة : إن كانت البهيمة شاة يضمن الجوهرة ، وإن كانت بعيرا ضمنها : لأن العادة في البعير أن تضبط ، وفي الشاة أن ترسل . وهذا فرق فاسد : لاستوائهما في ضمان الزرع وسقوطه .
والضرب الثاني : أن لا يكون مع البهيمة صاحبها ، فقد قال
أبو علي بن أبي هريرة [ ص: 473 ] لا يضمن الجوهرة إن كان ذلك نهارا ، ويضمنها إن كان ليلا كالزروع . والذي أراه : أنه يضمنها ليلا ونهارا بخلاف الزرع .
والفرق بينهما : أن رعي الزرع مألوف ، فلزم حفظه منها ، وابتلاع الجوهرة غير مألوف فلم يلزم حفظها منها . فإذا ثبت أنه ضامنها فإن طلب صاحب الجوهرة ذبح البهيمة ليسترجع جوهرته لم يخل حال البهيمة من أن تكون مأكولة ، أو غير مأكولة ، فإن كانت غير مأكولة : لم تذبح وغرم صاحبها قيمة الجوهرة ، فإن دفعت القيمة ثم ماتت البهيمة وأخرجت الجوهرة من جوفها ، ففيه وجهان :
أحدهما : يملكها صاحب البهيمة بدفع القيمة ، ولا يلزمه ردها .
والوجه الثاني : تعاد إلى صاحبها وتسترجع قيمة البهيمة : لأنها عين ماله . فإن نقصت قيمتها بالابتلاع ضمن صاحب البهيمة قدر نقصها . فإن كانت البهيمة مأكولة ففي ذبحها لاسترجاع الجوهرة وجهان :
أحدهما : تذبح لأجل الرد : لأنه قد يتوصل إلى ردها بوجه مباح .
والوجه الثاني : لا تذبح وتكون كغير المأكولة : لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبح البهائم إلا لمأكلة .