[ غزوة المريسيع ]
ثم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
غزوة المريسيع إلى
بني المصطلق من
خزاعة ،
والمريسيع : ما كانوا نزولا عليه .
[ ص: 40 ] وسببها ورود الخبر أن سيدهم
الحارث بن أبي ضرار يجمع قومه ، ومن قدر عليه من العرب لقصد
المدينة ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الاثنين الثاني من شعبان في ناس كثير من
المهاجرين والأنصار ، وخرج معه كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قبلها ، وكان معهم ثلاثون فرسا : عشر منها للمهاجرين ، وعشرون للأنصار ، ودفع راية
المهاجرين إلى
أبي بكر ، وراية
الأنصار إلى
سعد بن عبادة ، واستخلف على
المدينة زيد بن حارثة ، ووصل إلى
المريسيع وظفر بالقوم ، قيل : إنه شن الغارة عليهم بياتا . وقيل : بقتال ومحاربة ، فقتل منهم عشرة ، وأسر باقيهم ، فلم يفلت منهم أحد ، وسبى ذراريهم ، وكانوا مائتي ثيب ، واستاق نعمهم ، فكانت الإبل ألفي بعير ، والشاة خمس آلاف شاة ، فجعل البعير بعشر شياه ، وقسمهم بعد أخذ الخمس ، وأسهم فيها للفارس ثلاثة أسهم : سهما له ، وسهمين لفرسه ، وللراجل سهما واحدا . وكان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسان : لزاز والظرب فلم يروا أنه أخذ إلا سهم فرس واحدة ، وكان في السبي
nindex.php?page=showalam&ids=149جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، وحصلت في سهم
ثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له ، فكاتباها على تسع أواق ذهبا ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتابتها فأداها عنها ، وتزوجها ، وجعل صداقها عتق كل أسير من قومها .
وقيل : عتق أربعين منهم ، ومن على أكثر السبي ، وقدم بباقيهم
المدينة ، ففداهم أهلوهم حتى خلصوا جميعا ، وفيها تنازع
جهجاه بن سعيد الغفاري من
المهاجرين وسنان بن وبر من
الأنصار على ماء ، فضربه
جهجاه ، فتنافر
المهاجرون والأنصار ، وشهروا السلاح ، ثم اصطلحوا ، فقال
عبد الله بن أبي ابن سلول ، إن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فذكر ذلك
زيد بن أرقم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسار لوقته ، ووقف
عبد الله بن عبد الله بن أبي على طريق
المدينة ، فقال لأبيه : لا أفارقك حتى تزعم أنك الذليل
ومحمد العزيز ، فمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :
دعه ، فلنحسن صحبته ما دام بين أظهرنا .
وفي هذه الغزوة ضاع عقد
لعائشة رضي الله عنها ، فأقام الناس على طلبه حتى أصبحوا على غير ماء ، فأنزل الله تعالى آية التيمم ، فقال
أسيد بن حضير ليست هذه أول بركاتكم يا
آل أبي بكر : فإنه ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله فيه مخرجا ، وللمسلمين فيه خيرا .
وفي هذه الغزوة كان حديث
عائشة في الإفك حتى أنزل الله تعالى فيه ما أنزل ، وعاد إلى
المدينة في هلال شهر رمضان بعد اثنين وعشرين يوما .