فصل : وفيها قدمت
وفود العرب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدم
وفد بني أسد وقالوا : قدمنا قبل أن ترسل إلينا رسولا فأنزل الله تعالى :
يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم [ الحجرات : 17 ] .
وقدم
وفد الداريين من
لخم وهم عشرة .
وقدم
وفد بلي فنزلوا على
رويفع البلوي ، وكان
عروة بن مسعود الثقفي حين انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
الجعرانة إلى
المدينة أدركه قبل وصوله إلى
المدينة ، فأسلم واستأذنه أن يرجع إلى قومه
بالطائف : يدعوهم إلى الإسلام لطاعتهم له ، فأذن له ، فلما قدم عليهم أشرفوا عليه من حصنهم : فأخبرهم بإسلامه ، ودعاهم إلى الإسلام : فرموه بالنبل من كل جهة ، حتى أصابه سهم
وهب بن جابر فقتله ، فقيل
لعروة : ما ترى من دمك ؟ فقال : كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي ، فليس لي فيها إلا ما للشهداء ، فادفنوني معهم ، فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
إن مثله في قومه كمثل صاحب ليس في قومه .
فلما رأت
ثقيف إسلام جميع من حولهم من العرب ، وأنهم لا قبل لهم بهم لا يأمن لهم بهيمة ، ولا يأمن لهم سرب ، ولا يطلع منهم ركب ، ائتمروا بينهم ، حتى اجتمع رأيهم على إنفاذ
عبد ياليل بن عمرو بن عمير ، ومعه
عثمان بن أبي العاص ،
وشرحبيل بن غيلان بن سلمة ،
وأوس بن عوف ،
ونمير بن خرشة فخرج بهم ، وهو ناب القوم وصاحب أمرهم ، فلما دنوا من
المدينة رآهم
المغيرة بن شعبة ، وهو يرعى ركاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لأن أصحابه كانوا يرعونها نوبا ، وكانت نوبة
المغيرة ، فأسرع ليبشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم للإسلام والبيعة ، فعرف
أبو بكر ذلك منه ، فبشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم ، وعاد
المغيرة إليهم ، وراح بالركاب معهم ، وعلمهم تحية الإسلام ، فلم يحيوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدموا عليه إلا بتحية الجاهلية ، وضرب لهم قبة في ناحية مسجده ، ومشى بينه وبينهم
خالد بن سعيد بن العاص ، وكانوا لا يأكلون طعاما يحمل إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يأكل منه
خالد بن سعيد بن العاص ، حتى أسلموا ، وشرطوا لأنفسهم ثلاثة شروط :
أحدها : أن يدع لهم الطاغية ، وهي اللات ثلاث سنين .
والثاني : أن يتولوا كسر أوثانهم بأنفسهم .
والثالث : أن يعفيهم من الصلاة .
فقال : أما الطاغية فلا أقرها فاستنزلوه عنها إلى شهر فأبى ، وأنفذ
أبا سفيان بن حرب ،
والمغيرة بن شعبة لهدمها ، وأن يقضي
أبو سفيان دين
عروة بن مسعود من مالها ،
[ ص: 80 ] فهدمها
المغيرة وقضى
أبو سفيان من مالها دين
عروة ، قال : وأما كسر أوثانكم بأيديكم فشأنكم وإياها .
وأما الصلاة فلا خير في دين ليس فيه صلاة ، فقالوا : أما هذه فسنؤتيكها وإن كان فيها دناءة ، وكتب بينه وبينهم كتابا بخط
خالد بن سعيد ، وأمر عليهم
عثمان بن أبي العاص ، وكان من أحدثهم سنا : لأن
أبا بكر أخبره أنه رآه أحرصهم على تعلم القرآن والتفقه في الإسلام ، وكان ذلك في شهر رمضان .