فصل : وفي شهر ربيع الآخر من هذه السنة
بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب سرية إلى طيئ له راية سوداء ولواء أبيض ، وأمره أن يهدم الفلس صنما لهم ، ويشن عليهم الغارة ، فشنها عليهم مع الفجر ، وسبى إبل
حاتم ، وسبى بنته أخت
عدي بن حاتم ، وهرب
عدي بن حاتم إلى
الشام ، واستاق النعم ، وهدم الفلس ، وكان في بيت الصنم
سيفان لهما ذكر يقال لأحدهما رسوب ، وللآخر المخدم كان الحارث بن أبي شمر نذرهما له ، فصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصفي ، وقسم النعم بعد إخراج خمسها ، وعزل
آل حاتم حتى قدم بهم
المدينة ، فعزلهم في حظيرة بباب المسجد فلما مر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامت إليه أخت
عدي بن حاتم ، وكانت امرأة جزلة فقالت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلك الوالد ، وغاب الوافد : فامنن علي من الله عليك ! فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من أنت ، فقالت : بنت الرجل الجواد حاتم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ارحموا عزيز قوم ذل ، ارحموا غنيا افتقر ، ارحموا عالما ضاع بين الجهال ، ثم قال لها : قد مننت عليك فلا تعجلي بالخروج حتى تجدي من ثقات قومك من يبلغك إلى بلادك ، فأقامت حتى قدم ركب من
قضاعة تأمنهم ، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكساها وزودها وحملها حتى قدمت
الشام على أخيها
عدي بن حاتم ، فاستشارها في أمره ، فأشارت عليه بالقدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=924938فقدم عليه بالمدينة ، ودخل المسجد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أنت فقال : عدي بن حاتم ، فقام وانطلق به إلى بيته ، وأجلسه على وسادة وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأرض ، قال عدي : فعلمت حين فعل هذا أنه نبي وليس بملك ثم قال : لعلك يا عدي بن حاتم إنما منعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم فوالله ليوشكن المال يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله إنما منعك من ذلك ما ترى من قلة عددهم وكثرة عدوهم : فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف إلا الله ، ولعله إنما منعك من الدخول أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم ، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت .
[ ص: 81 ] فأسلم
عدي بن حاتم ، فكان يقول : مضت اثنتان وبقيت الثالثة ، والله لتكونن قد رأيت القصور البيض من أرض
بابل قد فتحت ، ورأيت المرأة تخرج من
القادسية على بعيرها لا تخاف شيئا حتى تحج هذا البيت ، وايم الله لتكونن الثالثة ليفيض المال حتى لا يوجد من يأخذه .