فصل : فإذا ثبت هذا لم يخل
حال الأبوين من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكونا مسلمين فعليه أن يستأذنهما ولهما في الإذن ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يأذنا له معا فله الجهاد ، فإن رجعا عن الإذن رد عليهما ما لم يلتق الزحفان .
والحال الثانية : أن يمتنعا من الإذن فيمنع من الجهاد فإن أذنا بعد المنع سقط حكم المنع .
والحال الثالثة : أن يأذن له أحدهما ويمنعه الآخر فيغلب حكم المنع على الإذن
[ ص: 124 ] سواء كان المانع أبا أو أما لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
لا توله والدة على ولدها .
والقسم الثاني : أن يكونا كافرين فلا يلزمه أن يستأذنهما ، فإن أسلما بعد كفرهما لزمه استئذانهما إن قدر عليه ما لم يلتق الزحفان ، وهكذا لو كان الأبوان منافقين لم يلزمه استئذانهما ، فإن تابا من النفاق استأذنهما قبل التقاء الزحفين .
والقسم الثالث : أن يكون أحدهما مسلما والآخر مشركا أو منافقا فيلزمه استئذان المسلم منهما دون المشرك والمنافق .
فإن قيل : فهلا كان شرك الأبوين كشرك صاحب الدين ، في أن يلزم استئذان الأبوين مع شركهما كما يلزم استئذان صاحب الدين ، أو لا يلزم استئذان صاحب الدين إذا كان مشركا كما لا يلزم استئذان الأبوين .
قيل : الفرق بينهما أن الاستئذان في الدين لحفظه على مستحقه : فاستوى فيه المسلم والمشرك ، واستئذان الأبوين لأجل التدين ، فافترق فيه المسلم والمشرك .