مسألة : قال
الشافعي : " وواسع للإمام أن يأذن للمشرك أن يغزو معه إذا كانت فيه للمسلمين منفعة ، وقد غزا - عليه السلام - بيهود من
بني قينقاع بعد
بدر ، وشهد معه
صفوان حنينا بعد الفتح
وصفوان مشرك .
قال
الماوردي : قد غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهود
بني قينقاع بعد بدر ، وشهد معه
صفوان [ ص: 131 ] حنينا بعد الفتح
وصفوان مشرك .
حكي عن
مالك وأبي حنيفة أنه لا يجوز
للإمام أن يستعين بمشرك على قتال المشركين ، احتجاجا بقول الله تعالى :
وما كنت متخذ المضلين عضدا [ الكهف : 51 ] . وبقوله تعالى :
لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض [ المائدة : 51 ] . وبما روى
حبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده
nindex.php?page=hadith&LINKID=925001قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فأتيته ورجل آخر قبل أن نسلم ، فقلنا له : إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده ، فقال : أسلمتما ؟ قلنا : لا ، فقال : إنا لا نستعين بالمشركين على قتال المشركين ، فأسلمنا وخرجنا معه ، فشهدت ، فلقيني رجل ضربني فقتلته ، وتزوجت بنته ، فقالت لي : لا عدمت من وشحك هذا الوشاح ؟ فقلت : لا عدمت من ألحق أباك بالنار ؟ وهذا نص .
قالوا : ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستعن بمشرك في غزوة
بدر مع قلة العدد ، فكان أولى أن لا يستعان بهم مع الكثرة وظهور القوة .
وذهب
الشافعي - رحمه الله - إلى جواز الاستعانة بهم لقول الله عز وجل :
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ الأنفال : 6 ] . فكان على عمومه : ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استغزى بعد
بدر يهود
بني قينقاع ، فغزوا معه ، وشهد معه
صفوان بن أمية حنينا في شركه بعد الفتح في حرب
هوازن ، واستعار منه سبعين درعا فقال : أغصب يا
محمد ؟ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924925بل عارية مضمونة مؤداة ، وسمع رجلا يقول : غلبت
هوازن وقتل
محمد ، فقال :
بفيك الحجر ، لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن : ولأن المشركين خول كالعبيد ، فجازت الاستعانة بهم والاستخدام لهم : ولأنهم إن قتلوا فعلى شرك وإن قتلوا فللمشرك فلم يكن للمنع وجه ، ولم يتخذهم عضدا فنمتنع منهم بالآية الأولى ، وإنما اتخذناهم خدما ولم نتخذهم أولياء ، فنمتنع منهم بالآية الثانية ، وإنما اتخذناهم أعوانا فأما الخبر محمول على أحد وجهين :
إما أن امتنع من ذلك تجوزا تحريضا على الإسلام وهكذا كان ، وإما لاستغنائهم عنهم وهكذا يكون .
وأما ترك إخراجهم إلى
بدر فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه لم يأمنهم وهكذا حكم من لم يؤمن .
والثاني : أنه ما ابتدأ بالخروج للجهاد ، وإنما قصد أخذ العير ، وصادف فواتها قتال المشركين .
والثالث : أنه قد استعان بهم بعد
بدر فكان ما تأخر قاضيا على ما تقدم .
[ ص: 132 ]