فصل : والقسم الرابع : أن
يغزو معه المشركون بغير إجارة ولا جعالة ، فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكرههم الإمام فيخرجوا معهم مكرهين ، فيستحقوا عليه بالإكراه أجور أمثالهم من غير سهم ولا رضخ لاستهلاك عملهم عليهم ، كما لو استكرههم في حمولة أو بناء : وسواء كانوا أهل ذمة أو معاهدين ، وليس يراعى في هذا الإكراه الضرب والحبس المراعى في الإكراه على الطلاق والعتاق ، وإنما يراعى أن لا يفسح لهم في التأخر ، ويجبرهم على الخروج : لأنهم بالذمة والعهد في قبضته ، وتحت حجره ، فلم يحتج مع القول إلى غيره .
والضرب الثاني : أن يأذن لهم فيخرجوا معه مختارين : فلا أجرة لهم ، ويستحقوا بالحضور رضخا ، ولا يستحقوا به سهما : لأن المشرك لا يسهم له ، ويستحقه بالحضور من قاتل ، ومن لم يقاتل ، لكن يفضل رضخ من قاتل على من لم يقاتل ، كالمسلم فمن كان منهم راجلا لم يبلغ برضخه سهم فارس ولا راجل ، ومن كان منهم فارسا لم يبلغ برضخه سهم فارس ، وفي جواز أن يبلغ به سهم راجل وجهان :
[ ص: 137 ] أحدهما : لا يجوز : لأنه لا يساوي به مسلما وهذا قول
أبي علي بن أبي هريرة .
والوجه الثاني : وهو عندي أظهر ، أنه يجوز أن يبلغ به سهم راجل : لأن الرضخ مشترك بينه وبين فرسه ، وإن ملكها فصار في رضخ نفسه مقصرا عن سهم الراجل .
والضرب الثالث : أن يبتدئوا بالخروج متبرعين من غير إكراه ولا إذن ، فلا أجرة لهم ، ولا سهم ، فأما الرضخ ، فإن قاتلوا رضخ لهم ، وإن لم يقاتلوا لم يرضخ لهم : بخلاف ما تقدم في المأذون لهم : لأن الإذن استعانة : فقوبلوا عليها بالرضخ وحضورهم مع عدم الإذن ، فلم يقابلوا عليه بالرضخ إلا على عمل خالفوا فيه المسلم : لأنه من أهل الدفع بخلاف المشرك .