فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من حكم
من يستعان بهم من المشركين فيما يستحقونه من أجرة أو جعالة أو رضخ ، نظر ، فإن كان المستحق أجرة دفعت من مال المصالح ، الحاصل قبل هذه الغنيمة : لأن الأجرة تستحق بالعقد الواقع قبلها : فوجبت في المال الحاصل قبلها من أموال المصالح ، وهو خمس الخمس سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفيء والغنائم المعد لعموم المصالح ، وفي جواز دفعها من أربعة أخماس الفيء قولان بناء على اختلافهما في مصرفه :
فإن قيل : إنه للجيش خاصة لم يجز دفع أجورهم منه .
وإن قيل : إنه للمصالح العامة جاز دفع أجورهم منه ، وإن كان المستحق جعالة دفعت من مال المصالح الحاصل من مال المغنم بخلاف الأجرة : لأن الجعالة تستحق بعد العمل : فوجبت في المال الحاصل بالعمل ، الأجرة مستحقة قبل العمل فكانت من المال الحاصل قبله .
وإن كان المستحق رضخا ففيما يدفع منه رضخهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : من مال المصالح .
والثاني : من أصل الغنيمة .
والثالث : من أربعة أخماسها ، وكل ذلك من غنائم ما قاتلوا عليه .
فأما رضخ من حضرها من المسلمين ففيه قولان :
أحدهما : من أصل الغنيمة .
والثاني : من أربعة أخماسها ، وسنذكر توجيه ذلك من بعد ، والله أعلم .