مسألة : قال
الشافعي : "
ويغزي أهل الفيء كل قوم إلى من يليهم " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح يوجبه الاقتداء بالسلف ، وتقتضيه السياسة : لأن
عمر - رضي الله عنه - مصر
البصرة ، وأسكنها أهل الفيء : ليقاتلوا من يليهم ، ومصر
الكوفة ، وأسكنها أهل الفيء : لقتال من يليهم : ولأن كل قوم أخبر بقتال من يليهم من غيرهم : ولأنهم على انتهاز الفرصة أقدر : ولأن المشقة عليهم أسهل والمئونة أقل ، وهكذا يكلف أهل البحر القتال في البحر : لأنهم أخبر به وأعرف ، ولا يكلفهم القتال في البر فيضعفوا عنه ، ويكلف أهل البر القتال في البر لأنهم به أعرف ، ولا يكلفهم القتال في البحر فيضعفوا عنه .
وقد روي عن
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أغزى في البحر جيشا من
المدينة ، وأمر عليهم
عمرو بن العاص ، فلما قدموا عليه سأل
عمرو بن العاص عنهم فقال له : " دود على عود بين غرق أو فرق ، فآلى أن لا يغزي في البحر أحدا منهم . وكتب إليه
معاوية يستأذنه في غزو البحر فكتب إليه
عمر : إني لا أحمل المسلمين على أعواد نجرها النجار وجلفظها الجلفاظ ، يحملهم عدوهم إلى عدوهم ، والجلفاظ : الذي يشيد أعواد السفن .
وفي قوله : يحملهم عدوهم إلى عدوهم تأويلان :
أحدهما : أن الملاحين كانوا إذ ذاك كفارا يحملونهم إلى الكفار .
والثاني : أن البحر عدو راكبه يحملهم إلى أعدائهم من الكفار ، والله أعلم بالصواب .