فصل : وأما
دفن الموتى فحكمه وحكم نسلهم والصلاة عليهم واحد ، فهو من فروض الكفايات على من علم بحاله ، حتى يقوم به أحدهم ، وهل يكون أولياؤه فيه أسوة غيرهم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أن جميع المسلمين فيه أسوة لقول الله تعالى :
إنما المؤمنون إخوة [ الحجرات : 10 ] .
[ ص: 149 ] والوجه الثاني : أنهم أحق به من غيرهم ، وإن لم يتعين فرضه عليهم ، فمأثم تركه فيهم أغلظ لقول الله تعالى :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض [ الأنفال : 75 ] . فيكون الفرق بين الوجهين أن على الوجه الأول لا يجوز لمن علم بحاله من الأقارب والأجانب أن يمسكوا عنه حتى يقوم به أحدهم ، فيسقط فرضه عن جميعهم ، وعلى الوجه الثاني : يجوز للأجانب أن يفوضوا أمره إلى الأقارب فإن أمسك عنه الأقارب شاركهم في فرضه الأجانب ، فإن لم يعلم بحال الميت إلا واحد تعين فرضه عليه ، وذلك ضربان :
أحدهما : أن لا يوجد غيره ممن يقوم به فيتعين عليه فرض القيام به في الغسل والتكفين والصلاة والدفن .
والثاني : أن يوجد غيره ممن يقوم بمواراته ، فيكون فيما تعين عليه من فرضه بين خيارين :
إما أن ينفرد بمواراته وإما أن يخبر به من يقوم بمواراته ، فيسقط فرض التعيين ، ويبقى فرض الكفاية على المخبر والمخبر حتى يواريه أحدهم ، فتصير هذه المواراة من فروض الكفاية في العموم ، ومن فروض الأعيان في الخصوص .