فصل : فإذا ثبت
عطاء السلب للقاتل استحقه بأربعة شروط :
أحدها : أن يقتله والحرب قائمة ليكف كيده ، فإن قتله قبل اشتباك الحرب أو بعد انكشافها فلا سلب له .
والثاني : أن يكون مقبلا على القتال ليكف شره ، فإن قتله مدبرا عن القتال أو معتزلا له فلا سلب له .
والثالث : أن يكون ذا بطش في القتال وقوة فإن قتل زمنا أو مريضا أو شيخا هرما أو صبيا لا يقاتل مثله أو امرأة تضعف عن القتال ، فلا سلب له ، ولو كان الصبي والمرأة يقاتلان عن قوة وبطش كان له سلبهما .
والرابع : أن يكون القاتل مغررا بنفسه في قتله ، بأن يبارزه فيقتله أو يقتحم المعركة فيقتله ، فأما إن رماه بسهم من بعد بحيث يأمن على نفسه فلا سلب له .
فإذا استكملت هذه الشروط الأربعة في القتل لم يخل
حال القاتل من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون ممن يسهم له كالرجل الحر المسلم فيستحق السلب ولا يخمسه الإمام .
وقال
مالك : يأخذ خمسه لأهل الخمس ، وليس بصحيح لما قدمنا من إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أبا قتادة سلب قتيله ، ولم يخمسه ، واختلف أصحابنا
هل يستحق السلب مع سهمه من المغنم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو ظاهر نص
الشافعي في هذا الموضع أنه يجمع له بينهما : لأن السلب زيادة استحقها بالتغرير كالنفل .
والوجه الثاني : لا يجمع له بينهما وينظر في السلب : فإن كان بقدر سهمه فأكثر ، أخذه ولا شيء له سواه ، وإن كان أقل من سهمه أعطي تمام سهمه لما يلزم من التسوية بين الغانمين .
والقسم الثاني : أن يكون ممن لا يسهم له ولا يرضخ له كالمرجف والمخذل والكافر إذا لم يؤذن له فلا يستحق السلب : لأن لا حق له في المغنم .
والقسم الثالث : أن يكون
ممن يرضخ له ولا يسهم كالصبي والعبد والمرأة والكافر المأذون له ، ففي استحقاقه للسلب وجهان بناء على اختلاف أصحابنا في إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلب للقاتل هل هو ابتداء عطية منه أو بيان ؟ لقول الله تعالى :
واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [ الأنفال : 41 ] . الآية .
[ ص: 157 ] فأحد الوجهين : أنه ابتداء عطية ، فعلى هذا يستحقه القاتل ، وإن لم يستحقه سهما .
والوجه الثاني : أنه بيان لمجمل الآية ، فعلى هذا لا يستحق إذا لم يستحق في الغنيمة سهما ، فإذا قيل باستحقاقه للسلب لم يرضخ له وجها واحدا ، وقد نص عليه
الشافعي في سير
الواقدي .
وإن قيل : لا يستحقه كان السلب مغنما ، وزيد القاتل في رضخه لأجل بلائه في قتله .