فصل : وأما
الاسترقاق فمن علم أنه قوي البطش ذليل النفس فهو من أهل الاسترقاق ، وله حالتان :
إحداهما : أن يكون ممن يجوز إقراره بالجزية
كأهل الكتاب من
اليهود والنصارى ، أو من له شبهة كتاب
كالمجوس ، فيجوز أن يسترق ، ويقر على كفره بالرق كما يقر عليه بالجزية .
والحال الثانية : أن يكون ممن لا يقر على كفره بالجزية كعبدة الأوثان ، ففي جواز
إقراره على كفره بالاسترقاق وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب
الشافعي وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجوز أن يسترق ويقر على كفره بالرق ، وإن لم يقر عليه بالجزية : لأن كل من جاز إقراره بالأمان جاز إقراره بالاسترقاق ، كالكتابي طردا وكالمرتد عكسا .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي سعيد الإصطخري : إنه لا يجوز إقراره بالاسترقاق ، كما لا يجوز إقراره بالجزية ، ويبقى خيار الإمام فيه بين القتل أو الفداء أو المن ، ولا فرق على كلا الوجهين بين العرب منهم والعجم .
وقال
أبو حنيفة : إن كانوا عجما جاز استرقاقهم ، وإن كانوا عربا وجب قتلهم ولا يجوز استرقاقهم لمبالغة العرب في عداوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإخراجه من بلده ، فصاروا بذلك أغلظ جرما وصار قتلهم محتما ، وهذا خطأ لأمرين :
أحدهما : أن الاسترقاق عقوبة تتعلق بالكفر ، فوجب أن يستوي فيها العربي والعجمي كالقتل .
والثاني : أن كل كافر جاز استرقاقه إذا كان أعجميا ، جاز استرقاقه إذا كان عربيا
كأهل الكتاب فهذا حكم الاسترقاق .