مسألة : قال
الشافعي : " ونصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على
أهل الطائف منجنيقا أو عرادة ونحن نعلم أن فيهم النساء والولدان ، وقطع أموال
بني النضير ، وحرقها وشن الغارة على
بني المصطلق غارين ، وأمر بالبيات والتحريق " .
قال
الماوردي : وهذا كما ذكر ، ويجوز
للإمام أن يقاتل المشركين بكل ما علم أنه يفضي إلى الظفر بهم من نصب المنجنيق والعرادة عليهم ، وقد نصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على
الطائف حين حاصرها بعد فتح
مكة منجنيقا أو عرادة ، ويجوز أن يشن عليهم الغارة وهم غارون لا يعلمون ، قد شن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغارة على بني المصطلق غارين ، ويجوز أن يضع عليهم البيات ليلا ، ويحرق عليهم ديارهم ويلقي عليهم
[ ص: 184 ] النيران والحيات والعقارب ، ويهدم عليهم البيوت ، ويجري عليهم السيل ، ويقطع عنهم الماء ، ويفعل بهم جميع ما يفضي إلى هلاكهم ، ولا يمنع من فيهم من النساء والولدان أن يفعل ذلك بهم ، وإن أفضى إلى هلاك نسائهم وأطفالهن : لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمنعه من في
بني المصطلق منهم من شن الغارات عليهم ، ولا من
ثقيف من نصب المنجنيق عليهم ، ولأن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
قتل النساء والولدان إنما كان في السبي المغنوم أن يقتلوا صبرا ، ولأنهم غنيمة ، فأما وهم في دار الحرب فهي دار إباحة يصيرون فيها تبعا لرجالهم .
nindex.php?page=hadith&LINKID=925042روى الصعب بن جثامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن دار الشرك فيصاب من نسائهم وأبنائهم ، فقال : " هم منهم " يعني في حكمهم ، فأما إن
كان فيهم أسارى مسلمون ، فلا يخلو جيش المسلمين من أن يخافوا اصطدام العدو أو يأمنوه ، فإن خافوا اصطدامه جاز أن يفعل بهم ما يفضي إلى هلاكهم ، وإن هلك معهم من بينهم من المسلمين : لأن سلامة الأكثر مع تلف الأقل أولى .
وإن أمنوا اصطدامهم نظر في عدد المسلمين من الأسرى ، فإن كثر وعلم أنهم لا يسلمون إن رموا كف عن رميهم وتحريقهم ، وإن قلوا وأمكن أن يسلموا إن رموا جاز رميهم ، وقد توقى المسلمون منهم : لأن إباحة الدار يجري عليها حكم الإباحة ، وإن كان فيها حظر كما أن حظر دار الإسلام يجري عليها حكم الحظر ، وإن جاز أن يكون فيها مباح الدم ، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها .