مسألة : قال
الشافعي : " ولكن لو التحموا فكان يتكامل التحامهم أن يفعلوا ذلك رأيت لهم أن يفعلوا وكانوا مأجورين لأمرين : أحدهما : الدفع عن أنفسهم ، والآخر : نكاية عدوهم ،
ولو كانوا غير ملتحمين فترسوا بأطفالهم ، فقد قيل : يضرب المتترس منهم ولا يعمد الطفل وقد قيل يكف " .
قال
الماوردي : وهذا كما ذكر إذا
تترس المشركون بأطفالهم لعلمهم أن شرعنا يمنع من تعمد قتلهم ، فهذا على ضربين :
[ ص: 187 ] أحدهما : أن يفعلوا ذلك في التحام القتال مع إقبالهم على حربنا فلا يمنع ذلك من قتالهم ولا حرج فيما أفضى منه إلى قتل أطفالهم لأمرين :
أحدهما : أن ترك قتالهم بهذا مفض إلى ترك جهادهم .
والثاني : أنهم مقبلون على حربنا فحرم أن نولي عنهم .
والضرب الثاني : أن يتترسوا بهم في غير التحام القتال عند متاركتهم لنا ، وقد بدأنا بقتالهم وهم في حصارنا ، فخافونا فيه ففعلوا ذلك ، لنمتنع عن رميهم ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يفعلوا ذلك مكرا منهم ، فلا يوجب ذلك ترك حصارهم ، ولا الامتناع من رميهم ولو أفضى إلى قتل أطفالهم .
والضرب الثاني : أن يفعلوه دفعا عنهم فلا يمنع ذلك من حصارهم ، وفي المنع من رميهم وضربهم قولان :
أحدهما : أنه لا يمنع من رميهم كالمقاتلين تغليبا لفرض الجهاد .
والقول الثاني : أن يمنع من رميهم ، ويؤخر الكف عنهم بخلاف المقاتلين : لأن جهادهم ندب وجهاد المقاتلين فرض ، وإذا قابل الندب حظر كان حكم الحظر أغلب .