مسألة : قال
الشافعي : " لو قاتلونا على خيلهم فوجدنا السبيل إلى قتلهم بأن نعقر بهم فعلنا : لأنها تحتهم أداة لقتلنا ، وقد عقر
حنظلة بن الراهب بأبي سفيان بن حرب يوم
أحد فانعكست به فرسه فسقط عنها فجلس على صدره ليقتله فرآه
ابن شعوب فرجع إليه فقتله ، واستنقذ
أبا سفيان من تحته " .
قال
الماوردي : وهذا كما ذكر إذا
قاتلونا على خيلهم جاز لنا أن نعقرها عليهم ، لنصل بعقرها إلى قتلهم والظفر بهم : لأنهم ممتنعون بها في الطلب والهرب أكثر من امتناعهم بحصونهم وسلاحهم ، فصارت أذى لنا فجاز استهلاكها لأجل الأذى ، كما جاز استهلاك ما صال من البهائم ، وإن لم يجز استهلاك ما لم يصل ، وقد عقر
حنظلة بن الراهب فرس
أبي سفيان بن حرب يوم
أحد ، واستعلى عليه ليقتله فرآه
ابن شعوب فبدر إلى
حنظلة وهو يقول :
لأحمين صاحبي ونفسي بطعنة مثل شعاع الشمس
ثم طعن
حنظلة فقتله ، واستنقذ
أبا سفيان منه فخلص
أبو سفيان وهو يقول :
فما زال مهري مزجر الكلب منهم لدى غدوة حتى دانت لغروب
أقاتلهم وأدعي يال غالب وأدفعهم عني بركن صليب
ولو شئت نحتني كميت لحمرة ولم أحمل النغماء لابن شعوب
فبلغ ذلك
ابن شعوب فقال مجيبا له حين لم يشكره :
ولولا دفاعي يا ابن حرب ومشهدي لألفيت يوم النعف غير مجيب
ولولا مكري المهر بالنعف قرقرت ضباع عليه أو ضراء كليب
[ ص: 192 ] وموضع الدليل من هذا الخبر
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى حنظلة وقد عقر فرس أبي سفيان فأقره عليه ولم ينكره .