فصل : والفصل الثاني :
من ينعقد معه الأمان ، وهو من لم يحصل في الأسر من رجل أو امرأة ، ويمنع الأمان من أسره واسترقاقه وفدائه استصحابا لحاله قبل أمانه .
فأما
الأسير فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يصير في قبضة الإمام ، فلا يصح أن يؤمنه غير الإمام ، لما أوجبه الأسر من اجتهاد الإمام ، فلم يصح الافتيات عليه ، فإن أمنه الإمام صح أمانه ، ومنع الإمام من قتله ، ولم يمنع من استرقاقه وفدائه : لأن ما أوجبه إسلامه من أمانه أوكد من بذل الأمان له ، فلما لم يمنع الإسلام من استرقاقه وفدائه كان أولى لا يمنع منهما عقد أمانه .
والحال الثانية : أن يصير في قبضة أمير الثغر ، فلا يصح أن يؤمنه إلا الإمام لعموم ولايته ، أو أمير الثغر لأنه في ولايته ، فأيهما سبق بأمانه لم يكن للآخر نقضه .
والحال الثالثة : أن يكون باقيا في يد من أسره ،
ولم يصر في قبضة الإمام فلا يخلو حال من أمنه من أربعة أقسام :
أحدها : أن يؤمنه الذي هو في أسره فيصح أمانه ، وإن لم يصح منه أمان من صار في قبضة الإمام : لأنه لما جاز له أن يقتل أسيره صح أن يؤمنه ، ولما لم يصح أن يقتل
[ ص: 199 ] من في أسر الإمام لم يصح أن يؤمنه ، ويمنع الأمان من قتله ، فأما استرقاقه وفداؤه فلا يرتفع به ما كان باقيا في أسره ، فإن فك أسره امتنع استرقاقه وفداؤه ، فيكون القتل مرتفعا بلفظ الأمان ، والاسترقاق والفداء مرتفعان بزوال اليد .
والقسم الثاني : أن يؤمنه الإمام فيصح أمانه ويرتفع بالأمان قتله : لأن أمان الإمام أعم ، ولا يرتفع به استرقاقه وفداؤه ، ولا إن فك أسره : بخلاف أمان الذي أسره : لأن يد الإمام في حق جميع المسلمين ، ويد الذي أسره في حق نفسه .
والقسم الثالث : أن يؤمنه أمير الثغر ، فإن كان الأسير من ثغره صح أمانه ، وإن كان من غير ثغره لم يصح أمانه لخروجه عن ولايته .
والقسم الرابع : أن يؤمنه غيرهم ، ممن لا يد له ولا ولاية . فلا يصح أمانه ، ولا يرتفع به قتل ولا استرقاق ولا فداء : لأن الأسر قد أثبت فيه حقا لغيره ، فلم يملك إسقاطه بأمانه ، وصار كأمانه لمن في أسر الإمام .