مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وإذا كان له طريقان يقصر في أحدهما ، ولا يقصر في الآخر ، فإن سلك الأبعد لخوف ، أو حزونة في الأقرب قصر ، وإلا لم يقصر ، وفي الإملاء إن سلك الأبعد قصر " . ( قال
المزني ) : " وهذا عندي أقيس لأنه سفر مباح " .
قال
الماوردي : وصورتها في رجل
أراد قصد بلد له إليه طريقان ، أحدهما قريب المسافة لا يقصر في مثله الصلاة ، والآخر بعيد المسافة يقصر في مثله الصلاة فإن سلك الأقصر لم يجز له أن يقصر لقرب مسافته ، وإن سلك الأبعد فله حالان :
أحدهما : أن يسلكه لعذر ، أو غرض ، مثل عدو في الأقرب يخافه على نفسه ، أو لص يخافه على ماله ، أو طالب خفارة ، أو سلوك عقبة شديدة ، أو يخاف قلة ماء ، أو مرعى ، أو يكون له في الأبعد غرض كزيارة قرابة ، أو قضاء حاجة ، أو يعرف خير متاع ، فهذا يقصر في سلوك الأبعد إن شاء لا يختلف كمن لا طريق له سواه .
والحالة الثانية : أن لا يكون له في الأقرب عذر ، ولا في الأبعد غرض ، ففي جواز قصره قولان :
أحدهما : وهو قوله في الإملاء ، واختاره
المزني : يجوز له القصر لعموم قوله تعالى :
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة [ النساء : 101 ] . ولأنها مسافة يقصر مثلها الصلاة فجاز أن يقصر .
[ ص: 387 ] أصله : إذا كان له عذر ، أو غرض ، ولأن صحة الأغراض ، وحدوث الأعذار لا تعتبر في الأسفار إذا كانت مباحة ، ألا تراه لو سافر للنزهة ، والشهوة ، واختار لذة قلبه ، وطلب مراده جاز له القصر وإن لم يكن فيه معذورا كذلك هذا .
والقول الثاني : لا يجوز له القصر في سلوك الأبعد ، لأن البلد الذي قصده في حكم الإقامة لقرب المسافة ، وإذا سلك الأبعد صار كأنه قد طول المسافة لأجل القصر ، وتطول المسافة لأجل القصر يمنع من القصر ، ألا ترى أنه لو قطع مسافة لا يقصر في مثلها الصلاة في مدة تقصر في مثلها الصلاة لم يجز له القصر ، وهو أن يقطع عشرة أميال في عشرة أيام ، فكذلك إذا سافر إلى بلد لا يقصر في مثله الصلاة في طريق يقصر في مثله الصلاة لم يجز له القصر ، والقول الأول أصح .