فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من
حقن دمائهم قبل بلاغ الدعوة إليهم ضمنت دماؤهم بالدية إن قتلوا ولم تكن هدرا .
وقال
أبو حنيفة : لا تضمن دماؤهم وتكون هدرا احتجاجا بأمرين :
أحدهما : من لم يثبت له إيمان ولا أمان كان دمه هدرا كالحربي ، وليس لهؤلاء إيمان ولا أمان .
والثاني : أن الدية أحد موجبي القتل ، فوجب أن يسقط في حقهم كالقود .
ودليلنا شيئان :
أحدهما : أن من لم يظهر عناده في الدين مع تكليفه لم ينهدر دمه كالمسلم .
والثاني : أن
حرمة النفوس أعلى من حرمة الأموال ، فلما وجب رد أموالهم عليهم وجب ضمان نفوسهم .
فأما الجواب عن استدلالهم بأنه لا إيمان لهم ولا أمان هو أن لهم أمانا ولذلك حرم قتلهم ، وأما الجواب عن القود فهو أنه يسقط بالشبهة ، ولا تسقط الدية بالشبهة فافترقا .