فصل : فأما
قتلنا من لا نعلم هل بلغتهم الدعوة ، أو لم تبلغهم ، ففي ضمان دمائهم وجهان بناء على اختلاف الوجهين ، هل كان الناس قبل ورود الشرع على أصل الإيمان حتى كفروا بالرسول أو كانوا على أصل الكفر حتى آمنوا بالرسل ؟ .
فأحد الوجهين : أنهم كانوا على أصل الإيمان حتى كفروا بالرسل ، وهذا قول من زعم أنهم محجوجون في التوحيد بالعقل دون السمع ، فعلى هذا يكون دماء من جهلت حالهم مضمونة بدمائهم .
والوجه الثاني : أنهم كانوا قبل ورود الشرع على أصل الكفر حتى آمنوا بالرسل ، وهذا قول من زعم أنهم محجوجون في التوحيد بالسمع دون العقل ، فعلى هذا تكون دماء من جهلت حالهم هدرا لا تضمن بقود ولا دية ، ومن هذين الوجهين اختلف المفسرون في تأويل قول الله تعالى :
كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين [ البقرة : 213 ] . على قولين :
أحدهما : أنهم كانوا على الكفر حتى آمن منهم من آمن وهذا قول
ابن عباس ،
والحسن .
والثاني : أنهم كانوا على الحق ، حتى كفر منهم من كفر ، وهذا قول
قتادة ،
والضحاك ، والأكثرين ، والله أعلم .