مسألة : قال
الشافعي : " ومن خرج إلينا منهم مسلما ، أحرز ماله وصغار ولده : حصر النبي - صلى الله عليه وسلم -
بني قريظة : فأسلم ابنا
شعبة : فأحرز لهما إسلامهما أموالهما وأولادهما الصغار وسواء الأرض وغيرها " .
قال
الماوردي : إذا
أسلم الحربي عصم دمه بالإسلام ، وأحرز له جميع أمواله ، وصار إسلاما لجميع أولاده الصغار من الذكور والإناث ، يعصمهم الإسلام من السبي والاسترقاق ، فإن كان له حمل من زوجته أجري عليه حكم الإسلام في المنع من استرقاقه ، ولا يمنع ذلك من استرقاق أمه ، وسواء كان إسلامه في دار الحرب أو دار الإسلام ، لخوف أو غير خوف ، ما لم يدخل تحت القدرة ، وسواء كان ماله منقولا أو غير منقول ، كانت له عليه يد أو لم تكن .
وقال
مالك : قد عصم دمه وصغار أولاده بإسلامه ، وملك من أمواله ما عليه يده ، ولم يملك منها ما ليس عليه يده ، بناء على أصله في أن المشرك لا يصح ملكه ، وما كانت عليه صار قاهرا له بإسلامه فملكه ، وقال
أبو حنيفة : قد ملك بإسلامه ما في
[ ص: 221 ] يده ويد وكيله من منقول وغير منقول ، ولا يملك ما عداه ، ومنع إسلامه من استرقاق صغار أولاده ، ولا يمنع من استرقاق حمله : لأنه تبع أمه ، يعتق بعتقها .
ودليلنا رواية
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925013أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، فكان على عمومه .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
من أسلم على شيء فهو له ، فكان على عمومه
وروى
الشافعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصر بني قريظة ، فأسلم ابنا شعبة اليهوديان : فأحرز لهما إسلامهما أموالهما وأولادهما ، ومعلوم أنه قد زالت أيديهما عنه بخروجهما ، فدل على استواء الحكم في الأمرين ، ولأنه مال من قد أسلم قبل الأسر ، فوجب أن لا يغنم ، كما لو كانت يده عليه ، ولأن من لم يغنم ماله إذا كانت يده عليه لم يغنم وإن لم تكن يده عليه كالمسلم .
والدليل على أن الحمل لا يسترق : هو أنه قد ثبت إسلامه قبل الأسر فلم يجز استرقاقه كالمولود ، ولأن كل من لم يجز استرقاقه لم يجز استرقاقه حملا كالمسلم .
وأما الجواب عن قول
مالك : إن المشرك لا يصح أن يملك مالا ولا نكاحا ، فهو أنه مجرد مذهب يدفعه النص قال الله تعالى :
تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب [ المسد : ا ، 2 ] . فأضاف ماله إليه إضافة ملك ، ثم قال :
وامرأته حمالة الحطب [ المسد : 4 ] . فأضاف امرأته إليه إضافة عقد ، فدل على أن المشرك لا يمنع من ملك المال والنكاح .
وأما الجواب عن قول
أبي حنيفة : إن الحمل كالأعضاء التابعة : لأن العتق يسري إليه ، فهو وإن كان تبعا في حال فقد تفرد بحكمه في حال : لأن عتقه لا يتعدى عنه ، فتعارض الأمران في استدلاله ، وسلم ما دللنا به .