فصل : فأما
قدر الخراج المطلوب على الأرض السواد ، فقد روى
قتادة عن
أبي مجلز أن
عثمان بن حنيف جعل على كل جريب من الكرم عشرة دراهم ، وقيل : على كل جريب من النخل ثمانية دراهم ، وعلى كل جريب من قصب السكر ستة دراهم ، وعلى كل جريب من الرطبة خمسة دراهم ، وعلى كل جريب من البر أربعة دراهم ، وعلى كل جريب من الشعير درهمين .
[ ص: 263 ] وحكى
الشعبي أن
عثمان بن حنيف مسح السواد ، فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب ، فوضع على كل جريب درهما وقفيزا .
قال
يحيى بن آدم وهو المختوم الحجاجي : قيل : إن وزنه ثمانية أرطال ، فكان خراجها سوى البر والشعير متفقا على قدره في الروايات كلها .
واختلف في
خراج البر والشعير ، فذهب أهل
العراق إلى تقديره بقفيز ودرهم ، وهل المأخوذ منهم في الأيام العادلة من ممالك
الفرس ، وقد ذكره
زهير في شعره فقال :
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها قرى بالعراق من قفيز ودرهم
وذهب
أبو حامد الإسفراييني ، وطائفة من أصحاب
الشافعي إلى أن خراج البر أربعة دراهم ، وخراج الشعير درهمان ، تعويلا على رواية
أبي مجلز .
وكلا القولين على إطلاقه معلول عندي : لأن كل واحد منهما إسقاط للآخر ، والصحيح أن كلا الروايتين صحيحتان ، وإنما اختلفا لاختلاف النواحي ، فوضع على بعضها قفيز ودرهم ، وعلى بعضها أربعة دراهم على البر ودرهمان على الشعير ، فأخذ الدرهم والقفيز فما كان غالب زرعه برا وشعيرا ، وأخذ الأربعة دراهم عن البر ، والدرهمين على الشعير مما كان أقل منزرعه برا وشعيرا : لأن ما قل من ناحيته غلا ، وما كثر فيها رخص ، فزيد من خراج المال ، ونقص من خراج الرخيص ، والله أعلم .
فكانت ذراع
عثمان بن حنيف في مساحته ذراع اليد وقبضة وإبهاما ممدودة ، وكان مبلغ ارتفاع السواد في أيام
عمر بن الخطاب مائة ألف ألف درهم ، وعشرين ألف ألف درهم ، وحياة
زياد مائة ألف ألف وخمسة وعشرين ألف ألف ، وحياة
عبيد الله بن زياد مائة ألف ألف ، وخمسة وثلاثين ألف ألف ، وحياة
الحجاج ثمانية عشر ألف ألف ، لغشمه وإخرابه ، وحياة
عمر بن عبد العزيز ثمانين ألف ألف ، ثم بلغ في آخر أيامه مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف ، لعدله وعمارته .