مسألة : واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع
بالمدينة في غير خوف ، ولا سفر . قال
مالك : أرى ذلك في مطر . ( قال
الشافعي ) : والسنة في المطر كالسنة في السفر ( قال
المزني ) : والقياس عندي إن سلم ، ولم ينو الجمع ، فجمع في قرب ما سلم بقدر ما لو أراد الجمع كان ذلك فصلا قريبا بينهما أن له الجمع لأنه لا يكون جمع الصلاتين إلا وبينهما انفصال ، فكذلك كل جمع ، وكذلك كل من سها فسلم من اثنتين فلم يطل فصل ما بينهما أنه يتم كما أتم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد فصل ، ولم يكن ذلك قطعا لاتصال الصلاة في الحكم ، فكذلك عندي إيصال جمع الصلاتين أن لا يكون التفريق بينهما إلا بمقدار ما لا يطول " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
الجمع بين الصلاتين في الحضر في حال المطر جائز ، وهو قول
مالك .
وقال
أبو حنيفة : الجمع في الحضر غير جائز تعلقا بما استدل به على بطلان الجمع في السفر .
والدلالة على جوازه في الحضر : رواية
الشافعي ، عن
مالك ، عن
أبي الزبير ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921734جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء جميعا من غير خوف ، ولا سفرقال
مالك : أرى ذلك في المطر .
وروى
موسى بن عقبة ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال :
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر ، والعصر في الحضر في المطر .
فإن قيل : فقد روي أنه جمع
بالمدينة من غير خوف ، ولا سفر ، ولا مطر .
قيل : يجوز أن يكون صلى الأولى في آخر أوقاتها ، وصلى الثانية في أول أوقاتها .
فاتصل فعلهما في وقتيهما جميعا ، فقيل : جمع .
فإن قيل : فهذا التأويل يرجع عليكم فيما رويتم من جمعه في المطر ، قيل : لا يصح هذا التأويل لما استدللنا به من الجمع في المطر لما روي من نقل السبب في جواز جمعه ، وهو المطر ، والمطر لا يختص بجواز فعل الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها ، بل يجوز ذلك في المطر ، وغيره على أن هذا التأويل ساغ لنا في روايتهم : لأن الإجماع يمنع من جواز
الجمع في الحضر في غير المطر فتأولنا بهذا استعمالا للرواية ، وليسر الإجماع مانعا من
[ ص: 398 ] جواز الجمع في المطر ، فلم يسغ استعمال هذا التأويل في روايتنا على أنه لا يجوز أن يكون معنى قول الراوي : ولا مطر . أبى لا يصيبه المطر لكونه مستظلا تحت سقف .
فإذا وضح ما ذكرناه من جواز الجمع في المطر : فيجوز الجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء . وقال
مالك : يجوز الجمع في المطر بين صلاة المغرب والعشاء ، ولا يجوز الجمع بين الظهر والعصر لإدراك المشقة في مطر الليل ، وعدمها في مطر النهار ، وهذا غلط ، يوضحه رواية
ابن عباس ،
وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في الحضر ، وفي المطر ، ولأنهما صلاتان يجوز الجمع بينهما في السفر ، فجاز الجمع بينهما في الحضر كالمغرب والعشاء .