[ ص: 296 ] باب الجزية على أهل الكتاب
والضيافة وما لهم وعليهم
قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " أمر الله تعالى بقتال المشركين من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، قال : والصغار أن تؤخذ منهم وتجرى عليهم أحكام الإسلام " .
قال
الماوردي : اعلم أن ما تحقن به دماء المشركين ينقسم أربعة أقسام : هدنة ، وعهد ، وأمان ، وذمة .
فأما القسم الأول : وهو
الهدنة : فهو أن يوادع أهل الحرب في دارهم على ترك القتال
مدة أكثرها عشر سنين ، كما هادن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قريشا عام
الحديبية ،
فلا يجوز أن يتولى عقدها إلا الإمام أو من يستنيبه فيها عند الحاجة إليها
وظهور المصلحة فيها .
ويجوز أن يعقد على مال يؤخذ منهم إذا أمكن وعلى غير مال إذا تعذر ، وعلى
مال يدفع إليهم عند الضرورة كالذي هم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الخندق حين تمالأت عليه
قريش ،
وغطفان والأحابيش أن يعطيهم شطر ثمار
المدينة ، لينصرفوا عنها ، فقال أهلها من
الأنصار : يا رسول الله ، إن كنت تفعل هذا بوحي من السماء فالسمع والطاعة ، وإن كان رأيا رأيته فوالله ما كنا نعطيهم في الجاهلية تمرة إلا قرى أو شرا : فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام : فلما عرف قوة أنفسهم كف ، وصابرهم على القتال حتى انصرفوا ، فكان فيما هم بفعله من ذلك دليل على جوازه .