فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا : إنه لا جزية على
الفقير ، كانت القدرة عليها شرطا في الوجوب والأداء ، فلا يخاطب بوجوبها مع الفقر ، إذا أيسر بها استوقف حوله ، وأخذت منه بانقضائه .
وإن قلنا : إن الجزية واجبة على الفقير ، لم تكن القدرة شرطا في وجوبها ، فإذا حال الحول ، وهو فقير وجبت عليه الجزية ، وفيها وجهان دل كلام
ابن أبي هريرة عليهما :
أحدهما : أنه ينظر بها إلى ميسرته مع إقراره في دار الإسلام كسائر الديون التي يجب الإنظار بها إلى وقت اليسار .
والوجه الثاني : لا يجوز أن ينظر بها لإعساره : لأن لها بدلا في حقن دمه وهو قائم عليه ، وهو الإسلام ، فإذا امتنع منه لم يجز إنظاره .
وقيل : إن لم تسلم ، ولم يتوصل إلى تحصيل الجزية بالطلب والمسألة ، لم يجز أن تقر في دار الإسلام ، وأبلغت مأمنك ، ثم كنت حربا ، ألا ترى أن الكفارة ، لما كان الصوم فيها بدلا لم تسقط بالإعسار ؟ ولم يجب فيها إنظار إلى وقت اليسار ؟ كذلك الجزية .