فصل : وأما الفصل الثاني : وهو
من يشترط له من الأضياف ، فهم أهل الفيء من المجتازين بهم دون المقيمين بينهم : لأن الضيافة جزية ، والجزية لأهل الفيء خاصة : فعلى هذا تكون مقصورة على الجيش المجاهدين خاصة ، أو تكون لهم ولغيرهم من أهل الفيء على قولين من مصرف مال الفيء ، هل يختص بالجيش أو يعم جميع أهل الفيء ؟ فإن شرطت الضيافة لغير أهل الفيء من تجار المسلمين ، وجميع السابلة جاز على الوجه الأول إذا قيل : إنها تشترط بعد الدينار ، ولم تجز على الوجه الثاني إذا قيل : يجوز الاقتصار عليها وحدها ، فإن أراد الضيف أن يأخذ منهم قدر ضيافته ، ولا يأكل من عندهم نظر .
فإن طالبهم بثمن الضيافة لم يلزمهم دفعه ، وإن طالبهم بطعام الضيافة لزمهم دفعه ، وفارق ما أبيح من أكل طعام الولائم الذي لا يجوز أخذه : لأن هذه معارضة ، والوليمة مكرمة ، ولا يطالبهم بطعام الأيام الثلاثة في الأول منها : لأنه مؤجل فيها ، فلا يطالبون به قبل حلوله ، ويطالب في كل يوم بقدر ضيافته ، فإن لم يطالب بضيافة اليوم
[ ص: 305 ] حتى مضى لم يجز أن يطالبهم به على الوجه الأول إذا جعل تبعا للدينار ، وجاز أن يطالبهم به على الوجه الثاني إذا جعل مقصودا كالدينار .
ولو تكاثر أهل الذمة على ضيف تنازعوه كان الخيار إلى الضيف دون المضيف في نزوله على من يشاء منهم بغير قرعة ، ولو تكاثر الأضياف على المضيف كان الخيار إلى المضيف دون الأضياف إلا أن يقصر عدد أهل الناحية عن إضافة جميعهم ، فيقرع بينهم ، ويضيف كل واحد منهم من قرع ، والأولى أن يكون للأضياف عريف يكون هو المرتب لهم ، لينقطع التنازع بينهم .