مسألة : قال
الشافعي : " فأيهم أفلس أو مات فالإمام غريم يضرب مع غرمائه " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ،
إذا مات الذمي أو أفلس بعد الحول لم تسقط عنه الجزية بموته وفلسه ، وأسقطها
أبو حنيفة بموته احتجاجا بأن الجزية عقوبة تسقط عن الميت كالحدود : لأنه يخرج بالموت من أهل القتال ، فوجب أن تسقط عنه الجزية كالنساء والصبيان .
ودليلنا : هو أنه مال استقر قبوله في ذمته ، فلم يسقط بموته كالديون ، ولأن
[ ص: 313 ] الجزية عوض عن حقن دمه ، وإقراره في دار الإسلام على كفره ، فلم يسقط ما وجب منها بموته كالأجور .
فأما الجواب عن اعتبارهم بالحدود ، فهو أن الحد متعلق بالبدن ، فسقط بالموت كالقصاص ، والجزية متعلقة بالمال ، فلم تسقط بالموت كالدية .
وأما الجواب عن استدلالهم بخروجه من أهل القتال ، فهو أنها تؤخذ على ما مضى في حياته ، وقد كان فيه من أهل القتال .
فإذا تقرر أنها لا تسقط بالموت والفلس ، كانت كالديون المستقرة تقدم على الوصايا ، والورثة ، ويساهم فيها الغرماء بالحصص ، ويكون ما عجز المال عنها دينا في ذمة المفلس ، وثابتا على الميت .
وهكذا لو زمن أو عمي أو جن لم يسقط عنه ، وأسقطها
أبو حنيفة عنه ، ودليله ما قدمناه .