فصل : وإذا
تعذر أخذ الجزية من الذمي حتى مضت عليه سنوات لم تتداخل ، وأخذت منه جزية ما مضى من السنين كلها .
[ ص: 316 ] وقال
أبو حنيفة : تتداخل ، ولا يؤخذ منه إلا جزية سنة واحدة ، استدلالا بأن الجزية عقوبة ، فوجب أن لا تتداخل كالحدود .
ودليلنا : هو أنها مال يتكرر وجوبه في كل حول ، فوجب أن لا يتداخل كالزكاة والدية على العاقلة ، ولأن الجزية معاوضة عن حقن الدم والمساكنة ، فوجب أن لا تتداخل كالأجرة .
وأما الجواب عن قياسه على الحدود مع انتقاضه بمن أفطر بجماع في شهر رمضان ، ثم أفطر فيه في يوم ثان ، لم تتداخل الكفارتان ، وإن كانتا من جنس واحد ، فهو أن المعنى في الحدود أن لا مال فيها ، فجاز أن تتداخل كالقطع في السرقة ، والجزية مال ، فلم تتداخل ، كالمال فيها .
فإذا ثبت هذا ، وغاب الذمي سنين ثم عاد مسلما ، وادعى تقدم إسلامه ، وسقوط جزيته في جميع مدته ، قال
الشافعي : قبل قوله في سقوطها عنها ، وأحلف إن اتهم .
قال
الربيع : وفيها قول آخر : أنه لا يقبل منه إلا ببينة : لأنها على أصل الوجوب ، فلم تسقط بمجرد الدعوى .
والأشبه أنه قال مذهبا لنفسه ، وليس يصح : لأنه خلف في أصل الوجوب ، والأصل براءة الذمة ، والله أعلم بالصواب .