فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من حكم
البيع والكنائس التي لا يجوز أن تستحدث ، فهي ما كانت مجمعا لصلواتهم ، وما اختص بعباداتهم ، وتلاوة كتبهم ، ودراسة
[ ص: 323 ] كفرهم ، فهي المخصوصة بالحظر والمنع ، فأما
بناء ما سواها فضربان :
أحدهما : أن تكون أملاكا خاصة ، يسكنها أربابها ، فلا يمنعوا بناءها ، ولا أن يبيعها المسلمون عليهم ، ويشترونها منهم : لأنها منازل سكنى ، وليست بيوت صلاة .
والضرب الثاني : أن يبنوا ما يسكنه بنو السبيل منهم لكل مار ومجتاز ، ولا يختص أحد منهم بملكه ، فينظر .
فإن شاركهم المسلمون في سكناه فجعلوه لكل مار من مسلم وذمي جاز ، ولم يمنعوا من بقائه ، وإن جعلوه مقصورا على أهل دينهم دون المسلمين ، ففي جواز تمليكهم من بنائه وجهان :
أحدهما : يجوز : لأنه منزل سكن ، فصار كالمنزل الخاص .
والوجه الثاني : لا يجوز أن يمكنوا منه كالبيع والكنائس : لأنه قد صار مقصورا عليهم عموما ، ليتعبد فيه سابلتهم ، فلم يكن بينه وبين البيع والكنائس فرق ، وقد يئول بهم إلى أن يصير بيعة أو كنيسة لهم .