مسألة : قال
الشافعي : " ولا
يحدثون بناء يتطولون به بناء المسلمين " .
قال
الماوردي : اعلم أنه لا تخلو مساكنهم في بلاد الإسلام من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يستأنفوا بناءها .
والثاني : أن يستديموا سكناها .
والثالث : أن يعيدوا بناءها .
[ ص: 324 ] فأما القسم الأول : وهو أن يستأنفوا بناءها بعد العهد ، فلا يخلو مجاوروهم في موضعهم من المصر من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكونوا مسلمين .
والثاني : أن يكونوا من أهل دينهم .
والثالث : أن يكونوا أهل ذمة من غير دينهم .
فإن كان مجاوروهم مسلمين ، لم يكن لهم أن يعلوا بأبنيتهم على أبنية المسلمين ، فيطولوا على أبنيتهم ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
الإسلام يعلو ، ولا يعلى ، فإن علوا بأبنيتهم هدمت عليهم ، وهل يمكنون من مساواتهم في الأبنية أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يمكنون من المساواة : لأنه قد أمن الاستعلاء والاستشراف .
والوجه الثاني : يمنعون من المساواة حتى تنقص أبنيتهم عن أبنية المسلمين كما يمنعون من المساواة في اللباس والركوب ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - :
الإسلام يعلو ، ولا يعلى . وهل يراعى المنع من الاستعلاء في موضعهم من المصر أو في جميعه على وجهين :
أحدهما : في موضعهم الذي هم فيه جيرة : لأن ما بعد عنهم ، فقد أمن إشرافهم عليه .
والثاني : يمنعون في جميع المصر أن يتطاولوا بالاستعلاء على أهل المصر ، وإن كان مجاوروهم في موضعهم من أهل دينهم جاز لهم أن يتطاولوا فيها بأبنيتهم ، فيعلو بعضهم على بعض كما يعلو بعض المسلمين على بعض ، وهل يمنع جميعهم أن يعلوا بأبنيتهم على أبنية من لا يجاورهم من المسلمين في المصر أو لا ؟ على الوجهين المتقدمين .
وإن كان مجاوروهم في موضعهم أهل ذمة على غير دينهم كاليهود مع النصارى ، ففيه وجهان :
أحدهما : أنه يجوز أن يتعالى بعضهم على بعض في الأبنية : لأن جميعهم أهل ذمة .
والوجه الثاني : يمنع بعضهم على بعض إذا استعدونا ، ولا يمنعون من المساواة : لأن علينا أن نمنع كل صنف منهم مما نمنع به أنفسنا .