فصل : فأما
الفرق المعتبر في مراكبهم فمن وجهين :
أحدهما : في جنس المركوب .
والثاني : في صفة المركوب .
فأما جنس المركوب ،
فيركبون البغال والحمير ،
ويمنعون من ركوب الخيل [ ص: 328 ] عتاقا ، وهجانا لقول الله تعالى :
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم [ الأنفال : 165 ] فأخبر بإعدادها لأوليائه في جهاد أعدائه .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923717الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ، يعني بالخير الغنيمة ، وهم المغنومون ، فلم يجز أن يصيروا بها غانمين .
وروي أنه قال :
الخيل ظهورها عز وبطونها كنز
. وأما صفة المركوب ، فيختار أن يركبوا على الأكف عرضا لرواية
عبد الله بن دينار عن
ابن عمر أن
عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد يأمرهم أن يختموا في رقاب أهل الذمة بالرصاص ، وأن يظهروا مناطقهم ، ويجزوا نواصيهم ، ويركبوا الأكف عرضا ، ولا يتشبهوا بالمسلمين في لبوسهم .
فأما الختم بالرصاص في رقابهم ، فقد ذكرناه ، وأما إظهار مناطقهم ، فهو شد الزنار في أوساطهم ، فوق ثيابهم ، وأما جز نواصيهم فهو ما ذكرنا من تحذيفهم في مقدم رءوسهم ، وأما ركوب الأكف عرضا فهو أن تكون رجلا الراكب إلى جانب ، وظهره إلى جانب ، فإن تجاوز الأكف إلى ضده بحمل الأثقال إلى السروج بما تميز من سروج المسلمين ، وكانت ركبهم فيها خشبا ، ولم تكن حديدا ، ويمنعون من تختم الفضة والذهب لما فيها من التطاول والمباهاة ، ولو وسمت بغالهم بما يتميز به عما للمسلمين كان أولى .