مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا يترك
أهل الحرب يدخلون بلاد الإسلام تجارا فإن دخلوا بغير أمان ولا رسالة غنموا " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح . يجب على الإمام أن يراعي ثغور المسلمين المتصلة بدار الحرب من دخول المشركين إليها : لأنهم لا يؤمنون عليها من غرة يظفرون بها أو مكيدة يوقعونها ، ومن دخلها منهم ، فهو حرب مغنوم يتحكم الإمام فيه بخياره من قتله أو استرقاقه أو فدائه أو المن عليه إلا في حالتين :
أحدهما : أن يكون رسولا للمشركين فيما يعود بمصلحة المسلمين من صلح يجدد أو هدنة تعقد أو فداء أسرى : لقول الله تعالى
وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه [ التوبة : 6 ] .
قيل : إنها في المرسل فيكون له بالرسالة أمان على نفسه وماله ، لا يحتاج معها إلى استئناف أمان ، إلا أن يكون رسولا في وعيد وتهديد ، فلا يكون أمان ، ويكون حربا يفعل فيه الإمام ما يراه من الأمور الأربعة : لأن في هذه الرسالة مضرة ، وفي الأولى منفعة فصار بالمنفعة مواليا : فأمن ، وبالمضرة معاديا ، فغنم .
فلو ادعى وقد دخل بلاد الإسلام أنه رسول نظر في دعواه .
فإن علم صدقه فيها كان آمنا ، وإن علم كذبه فيها كان مغنوما ، وإن أشبهت حاله قبل قوله ، وكان آمنا ، ولم يلزم إحلافه على الرسالة : لأنه مبلغ
ما على الرسول إلا البلاغ [ المائدة : 99 ] .
ولا يجوز
إذا دخل الرسل بلاد الإسلام أن يظهروا فيها منكرا من صلبانهم ، وخمورهم ، وخنازيرهم ، وجوز لهم
أبو حنيفة إظهار خمورهم وخنازيرهم : لأنها عنده من جملة أموالهم المضمونة الاستهلاك وهذا فاسد : لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
الإسلام يعلو ولا يعلى .