الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا بذل قوم من أهل الحرب للإمام في وقتنا أن يعقد معهم الذمة على مضاعفة الصدقة كالذي فعله عمر جاز اقتداء به ، واتباعا ، ولو سألوه أن يعقدها على صدقة واحدة من غير مضاعفة جاز إذا لم تنقص عن دينار الجزية ، فإن نقصت عنه لم يجز أن يعقدها معهم وجها واحدا : لأن ما قدمناه من الأوجه الثلاثة ، إنما هي في عقد أمضاه إمام مجتهد ، فإذا عقد عقدا مستأنفا ، فلا يمضي بأقل من دينار الجزية ، فإن بلغ أخذها من بعضهم دينارا على كل رأس منهم ، ففي جوازه وجهان :

أحدهما : - وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز : لأن فيهم من لا يؤدي دينارا .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجوز : لأن المطلوب أخذ دينار عن كل رأس وقد أخذ .

فعلى هذين الوجهين ، لو أن رجلا من أهل الذمة عقد الجزية على نفسه ، ومائة رجل من قومه على مائة دينار يؤدونها من ماله نظر في موضوعها ، فإن أوجبها عليهم وتحملها عنهم جاز : لأنه تبرع بها وهم مأخوذون بها إن امتنع منها ، وإن أوجبها على نفسه لتكون عنه وعنهم ، ففي جوازه ما قدمناه من الوجهين :

أحدهما : هو قول أبي إسحاق ، لا يجوز : لأنهم يقيمون بغير جزية تلزمهم .

والثاني : وهو قول أبي علي ، يجوز لحصول الفرض المطلوب منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية