[ ص: 379 ] باب نقض العهد
مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : "
وإذا نقض الذين عقدوا الصلح عليهم ، أو جماعة منهم فلم يخالفوا الناقض بقول ، أو فعل ظاهر ، أو اعتزال بلادهم ، أو يرسلون إلى الإمام أنهم على صلحهم : فللإمام غزوهم ، وقتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ، وغنيمة أموالهم ، وهكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -
ببني قريظة عقد عليهم صاحبهم فنقض ، ولم يفارقوه ، وليس كلهم أشرك في المعونة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ولكن كلهم لزم حصنه فلم يفارق الناقض إلا نفر منهم ، وأعان على
خزاعة وهم في عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أنفار من
قريش ، فشهدوا قتالهم : فغزا النبي - صلى الله عليه وسلم -
قريشا عام الفتح بغدر ثلاثة نفر منهم ، وتركهم معونة
خزاعة ، وإيوائهم من قاتلها " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا عقد الإمام الهدنة مع أهل الحرب كان عقدها موجبا لأمرين :
أحدهما : للموادعة ، وهي الكف عن المحاربة جهرا ، وعن الخيانة سرا ، قال الله تعالى :
وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ، [ الأنفال : 58 ] .
والثاني : أن يشترك فيها الفريقان ، فيلتزم كل واحد منهما حكمهما ، ولا يختص بأحدهما : ليأمن كل واحد منهما صاحبه .
قال الله تعالى :
إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم [ التوبة : 7 ] .
فإذا ثبت بهذين الشرطين : وجب الوفاء بها ، ولم يجز نقضها .
قال الله تعالى :
ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [ المائدة : 1 ] .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا أحق من وفى بذمته ، فإن نقض المشركون ارتفع حكم العقد ، وبطل أمانهم من المسلمين ، وصاروا بنقضه حربا قال الله تعالى :
وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم [ التوبة : 12 ] .