مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن
جاءت امرأة رجل منهم تستعدي بأنه طلقها ، أو آلى منها ، حكمت عليه حكمي على المسلمين ، وأمرته في الظهار أن لا يقربها حتى يكفر رقبة مؤمنة ، كما يؤدي الواجب من حد وجرح وأرش ، وإن لم يكفر عنه ، وأنفذ عتقه ، ولا أفسخ نكاحه : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عفا عن عقد ما يجوز أن يستأنف ، ورد ما جاوز العدد ، إلا أن يتحاكموا وهي في عدة فنفسخه ، وهكذا كل ما قبض من ربا ، أو ثمن خمر ، أو خنزير ، ثم أسلما أو أحدهما عفي عنه " .
قال
الماوردي : وجملة ذلك أنه لا يخلو حال ما استعدت فيه على زوجها من أن يكون من محظورات دينهم أو من مباحاته .
[ ص: 388 ] فإن كان من محظورات دينهم المنكرة وجب على حاكمنا أن يعديها عليه : لأن دار الإسلام تمنع من إقرار ما يتفق على إنكاره ، وإن كان من مباحات دينهم ، ففي وجوب إعدائها عليه قولان :
أحدهما : أنه يجوز ، ولا يجب .
والثاني : أنه يجب ، وهو على اختلاف القولين في جريان أحكامنا عليهم .
فإن أعداها عليه وجوبا أو جوازا لم يحكم بينهما إلا بما يوجبه دين الإسلام ، ولا يحكم بينهما بأحكامهم في دينهم : لقول الله تعالى :
وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم [ المائدة : 42 ] .
فإن كان الحكم من طلاق بائن لم تجز له الرجعة في العدة إذا كان أقل من ثلاثة ، وأحرمها عليه بعد الثلاث حتى تنكح زوجا غيره ، وإن كان في إيلاء أصله أربعة أشهر ثم ألزمه الفيء أو الطلاق .
وإن كان في ظهار أحرمها عليه بعد العود حتى يكفر بعتق رقبة مؤمنة ، ولم يجز أن يصوم فيها حتى يسلم ، وفي جواز إطعامه فيها وجهان :
أحدهما : يجوز : لأنه إطعام .
والثاني : لا يجوز لأنه بدل عن الصيام .
وإن كان في عقد نكاح راعاه ، فإن كانت ممن تحرم عليه من ذوات المحارم أبطل نكاحها ، وإن كانت ممن تحل له لم يكشف عنه عقد النكاح ، وحكم بينهما بإمضاء الزوجية ، كما يقرون عليه إذا أسلموا .
وإن كان في مهر تقابضاه : أمضاه حلالا كان أو حراما ، وإن لم يتقابضاه لم يحكم بقبضه ، ولا بقيمته وحكم لها بمهر المثل ، وكذلك سائر الأحكام ، وكذلك في استعداء غير الزوجين .