الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو أوصى ببناء كنيسة لصلاة النصارى فمفسوخ ، ولو قال ينزلها المارة ، أجزته ، وليس في بنائها معصية إلا بأن تبنى لصلاة النصارى " .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أوصى رجل ببناء كنيسة لصلاة النصارى ، أو بيعة لصلاة اليهود في دار الإسلام لم يجز ، وكانت الوصية به باطلة ، سواء كان الموصي مسلما أو ذميا ، لأمرين :

أحدهما : أنها مجمع لما أبطله الله تعالى ، من صلاتهم وإظهار كفرهم .

والثاني لتحريم ما يستأنف إحداثه في بلاد الإسلام من البيع والكنائس .

فإن أحد من أهل الذمة أوصى أن تبنى داره بيعة أو كنيسة لم يجز ، وسواء تحاكموا إلينا في الوصية أو إلى حاكمهم : إلا أنهم إن تحاكموا إلينا أبطلنا الوصية ، ومنعنا من البناء ، وإن لم يتحاكموا إلينا منعنا من البناء ، ولم نعترض للوصية .

فإن كانت الوصية بعمارة بيعة قد استهدمت أبطلنا الوصية إن ترافعوا إلينا ، ومنعنا من البناء لبطلان الوصية .

وإن لم يترافعوا إلينا لم نعترض للوصية ، فإن بنوها لم يمنعوا لاستحقاق إقرارهم الذي يقدم عليها .

ولو أوصى ببناء كنيسة أو بيعة في دار الحرب لم يعترض عليهم في الوصية ، ولا في البناء : لأن أحكامنا لا تجري على دار الحرب ، فإن ترافعوا في الوصية إلينا حكمنا بإبطالها ، ولم نمنع من بنائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية