الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن كان الصيدان في جهتين ، فأرسل إلى إحداهما ، فعدل إلى الآخر ، فله في اختلاف الجهات أسماء يقال : صيد سانح إذا كان عن يسار الرامي ، وهو أمكن ، وصيد بارح إذا كان عن يمين الرامي وهو أشق ، وصيد قعيد إذا كان مقابل الرامي فإذا أرسل على صيد في جهة ، فعدل إلى غير من جهة أخرى ، فلا يخلو أن يكون سلاحا أو جارحا ، فإن كان سلاحا خرج عن يده من سهم رماه أو سيف ألقاه ، فعدل السهم أو السيف عن تلك الجهة إلى غيرها إما لريح اعترضته أو لخطأ كان منه ، فالصيد مأكول : لأنه منسوب إلى فعله ، وإن أخطأ في قصده ، وخطأ المذكي لا يمنع من إباحة ذكاته ، كما لو أراد شاة فذبح غيرها .

وإن كان ذلك جارحا من كلب أرسله إلى جهة ، فعدل إلى غيرها ، فقد حكى أبو حامد الإسفراييني في إباحته وجهين :

أحدهما : أنه مباح الأكل كالسهم ، ونسبه إلى قول أبي إسحاق المروزي ، ولم أره في شرحه .

والوجه الثاني : أنه لا يؤكل ، وفرق بين الكلب والسهم : لأن للكلب اختيارا ينصرف به ، وأصح عندي من هذين الوجهين أن يراعى مخرج الكلب عند إرساله ، فإن خرج عادلا عن جهة إرساله إلى غيرها لم يؤكل صيده منها ، وإن خرج إلى جهة إرساله ففاته صيدها ، فعدل إلى غيرها ، وأخذ صيدها أكل : لأنه على الصفة الأولى مخالف ، فصار مسترسلا وعلى الصفة الثانية موافق ، وكان مرسلا ، وهذا أدل على فراهته : لئلا يرجع خليا إلى مرسله . ألا ترى أن الصيد له عدل عن جهة إلى غيرها ، فعدل الكلب إليها حتى أخذه حل : كذلك إذا أخذ غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية