مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله - تعالى : " وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925172ما أنهر الدم وذكر اسم الله [ ص: 28 ] عليه فكلوه إلا ما كان من سن أو ظفر لأن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبش ، وثبت
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل ذكاة الإنسي مثل ذكاة الوحشي إذا امتنع قال : ولما كان الوحشي يحل بالعقر ما كان ممتنعا فإذا قدر عليه لم يحل إلا بما يحل به الإنسي كان كذلك الإنسي إذا صار كالوحشي ممتنعا حل بما يحل به الوحشي " .
قال
الماوردي : اعلم أن الذكاة تجوز بالحديد ، وبما صار في اللحم مور الحديد ، فذبح بحده لانتثله من
محدد الخشب ، والقصب ، والزجاج ، والحجارة إلا أن يكون سنا أو ظفرا ، فلا تجوز الذكاة به ، وإن قطع بحده متصلا كان أو منفصلا ، وسواء كان من إنسان أو سبع ، وأجاز
أبو حنيفة الذكاة به إذا كان منفصلا : ولم يجزها به إذا كان متصلا : احتجاجا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925160ما أنهر الدم وفرى الأوداج ، فكل ، فكان على عمومه : ولأنه آلة يمكن الذبح بها ، فحلت ذكاتها كالحديد : ولأنها ذكاة منع منها لمعنى في الآلة ، فحلت كالسكين المغصوبة ، وفرق بين المتصل والمنفصل بأن المتصل يرض بثقله ، والمنفصل يشق بحده .
ودليلنا : ما رواه
الشافعي بإسناده عن
رافع بن خديج أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925173قلت : يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا ، وليس معنا مدى أفنذكي بالليط ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه ، فكلوا إلا بما كان من سن أو ظفر : فإن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبشة .
فاستثناهما من الإباحة ، فدخلا في التحريم ، وصار عموم أوله مخصوصا بآخره : ولأنه ذبح بعظم ، فوجب أن لا يحل كالمتصل : ولأن
ما لم تحل الذكاة به إذا كان متصلا لم تحل الذكاة به إذا كان منفصلا كالشعر إذا حرق طردا والحديد إذا قطع عكسا : ولأنه في الاتصال أقوى وأمضى منه بعد الانفصال ، فلما لم تجز الذكاة به في أقوى حاليه ، كان بأن لا يجوز في أضعفهما أولى .
فأما الخبر ، فقد يخصه آخره .
وأما القياس على الحديد فيه جوابان :
أحدهما : بطلانه بالمتصل .
والثاني : أن نص السنة يدفعه .
وأما القياس على السكين المغصوبة ، فعنه جوابان :
أحدهما : أن المنع من السن في حق الله ، فصار كذبح ما لا يؤكل .
والمنع من السكين المغصوبة في حق الآدميين ، فصار كذبح الشاة المغصوبة .
والثاني : أن الذبح بالسن مختص بالذكاة : لجواز استعماله في غيرها ، والمنع من
[ ص: 29 ] السكين المغصوبة غير مختص بالذكاة لتحريمها فيها وفي غيرها .