فصل : وإذا تقررت أحكام هذه الوجوه الخمسة ، فكذلك حكمها في جميع البهائم المملوكة .
وأما حكمها في الآدميين ،
فإن كان المجروح حرا سقط اعتبار أرش الجراح فيه لكمال ديته قبل الجراح وبعدها على سواء ،
وإن كان المجروح عبدا ، فإن لم يكن في
[ ص: 39 ] جراحه أرش مقدر فهو كالصيد وسائر البهائم على ما شرحناه ، وإن كان في جراحه أرش مقدر كالأطراف ، فقد خرج فيه
أبو علي بن أبي هريرة وجهين :
أحدهما : أنه يصير بتقدير أطرافه كالحر .
والوجه الثاني : أنه يصير مع التقدير كالبهيمة وكلا الوجهين معلول على الإطلاق : لأن العبد تنقص قيمته بعد جراحة الأول ، بخلاف الحر فيبطل بينه وبين الحر ، والعبد تتقدر أطرافه بخلاف البهيمة فبطل الجمع بينه وبين البهيمة ، فإذا بطل الوجهان صار حكمه في المقدر مشتركا بين أحكام الحر في التقدير وبين أحكام البهيمة في اعتبار القيمة ثم يخالفها من وجه ثالث : أنك تعتبر في طرق العبد أكثر الأمرين من المقدر فيه أو ما نقص من القيمة ما لم يستوعب المقدر جميع القيمة ، فإن استوعبها أوجبت أقلها ، وهو نقصان القيمة : لأن الشركة مع السراية تمنع من وجوب جميعها على أحدهما فيعمل على ما يوجبه هذا التعليل من الوجوه الخمسة ، وإذا كان كذلك ، فإن كان الجانيان على الصيد والبهيمة أجنبيين ، ولم يكن أحدهما مالكا فعلى كل واحد منهما من القيمة ما أوجبته الشركة على الوجوه الخمسة ، وإن كان أحدهما مالكا سقط عنه قسطه ، ووجب على الأجنبي قسطه ، ويتصور في غير الصيد أن يكون المالك أولا وثانيا ، ولا يتصور في العبد الممتنع أن يكون المالك في المضمون إلا الأول دون الثاني والله أعلم .