[ ص: 99 ] الذبح من القفا
مسألة : قال
الشافعي : ولو ذبحها من قفاها ، فإن تحركت بعد قطع الرأس أكلت ، وإلا لم تؤكل .
قال
الماوردي : ذبح الشاة من القفا مكروه ، وإنما كرهناه لأمرين :
أحدهما : لما فيه من تعذيبها ، والثاني : لما يخاف من موتها قبل الوصول إلى ذكاتها ، فإن فعل لم يخل حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يعلم موتها بقطع القفا قبل وصول السكين إلى قطع الحلقوم والمريء ، فتكون ميتة لا تؤكل ، وكذلك لو بقيت فيها عند وصول السكين إلى قطع الحلقوم والمريء حياة غير مستقرة لحياة المذبوح لم تؤكل ، وإنما كان كذلك لأن الذكاة لا تستباح إلا بقطع الحلقوم والمريء ، وقطع قفاها يجري في فوات نفسها مجرى كسر صلبها ، وبقر بطنها ، ولا تحصل به ذكاة وإن وجا .
والقسم الثاني : إن قطع حلقومها ومريئها ، فهذه ذكية تؤكل ، وقال
مالك وأحمد بن حنبل : هي ميتة لا تؤكل .
وقال
علي بن أبي طالب : إن فعل ذلك عمدا لم تؤكل ، وإن فعله سهوا أكلت احتجاجا بأن قطع القفا موج ، والذكاة بعد التوجية لا تصح كالتي أخرج السبع حشوتها . ودليلنا هو أن ما كانت حياته مستقرة وإن لم تدم صحت ذكاته ، كالمقطوعة الأطراف ، ولأنه لو انتهى بها النزع إلى حد الإياس حلت ذكاتها مع استقرار الحياة ، فلذلك قطع القفا ، وخالف قطع الحشوة : لأن بقاء الحياة معها مستقرة كحياة المذبوح .
والقسم الثالث : أن يشكل حالها عند قطع الحلقوم والمريء هل كانت حياتها مستقرة أو غير مستقرة ، ففي إباحة أكلها وجهان :
أحدهما : وهو ظاهر قول
أبي إسحاق المروزي أنها غير مأكولة : لأن الأصل الحظر حتى تعلم الإباحة .
والوجه الثاني : وهو ظاهر قول
أبي علي بن أبي هريرة : إنها مأكولة : لأن الأصل فيها الحياة حتى يعلم فواتها .