مسألة : قال
الشافعي : ولا يجوز السبق إلا أن تكون الغاية التي يخرجان منها وينتهيان إليها واحدة .
قال
الماوردي : وهذا صحيح : لأن من شرط صحة السبق من مسافة السباق ثلاثة شروط :
أحدها : أن تكون مسافة السبق معلومة الانتهاء فيشترطان
الجري من ابتداء معلوم إلى غاية معلومة ، لأنه من عقود المعاوضات المحروسة بالابتداء من الجهالة ، فإن استبقا على غير غاية على أن أيهما سبق صاحبه كان سابقا من قريب المدى وبعيده لم يجز لعلتين :
إحداهما : أن من الخيل من يشتد جريه في الابتداء ، ويضعف في الانتهاء وهو عتاقها ، ومنها ما يضعف في الابتداء ويشتد في الانتهاء ، وهو هجانها ، ولا يتحقق السابق منهما مع جهالة المدى .
والثاني : أن يفضي ذلك منهما إلى إجراء الخيل حتى تنقطع ، وتهلك طلبا للسبق ، فمنع منه ، فأما الرمي إذا عقد بين المترامين على أن أيهما أبعد سهما ، فهو فاضل ففي صحته وجهان :
[ ص: 199 ] أحدهما : أنه لا يصح كالسبق بالخيل حتى يعقد على عدد الإصابة دون بعد المدى .
والوجه الثاني : يصح أن يعقد على بعد المدى كما يصح أن يعقد عدد الإصابة ، لأن كل واحد من بعد المدى ، ومن الإصابة مؤثر في العقد ، فصح العقد عليهما ، ولا يؤثر في العقد الإفراه الخيل بالسبق إلى غاية فافترقا .
والشرط الثاني : أن تكون المسافة المشروطة مسماة يمكن أن ينتهي شوط الفرس إليها غير منقطع في العرف ، فإن زادت حتى لا ينتهي شوطه إليها إلا منقطعا لم تجز لتحريم ذلك من حقوقهما وأن الانتهاء إليها ممتنع ، فإن كانت مسافة السبق تنتهي إليها هجان الخيل الشديدة دون عتاقها الضعيفة جاز الاستباق إليها بالهجان دون العتاق ، وكذلك لو كانت مسافة ينتهي إليها شوط الإبل دون الخيل جاز الاستباق إليها بالإبل دون الخيل .
والشرط الثالث : أن يتساويا في ابتداء الجري وانتهائه ليكونا في الغاية متساويين ، ولا يفضل أحدهما بشيء في الابتداء والانتهاء ، وإن فضل أحدهما صاحبه بشيء ، وإن قل فسد السبق ، لأن المقصود بالسبق العلم بأفره الفرسين ولا يعلم ذلك مع التفضيل ، والله أعلم .