فصل : قال
الشافعي في الأم : ( وقد جرت
عادة الرماة أن يكون الرامي الثاني يتقدم على الأول بخطوة أو خطوتين أو ثلاثة ) .
وهذا معتبر بعرف الرماة وعادتهم ، فإن كانت مختلفة فيه يفعلونه تارة ، ويسقطونه أخرى سقط اعتباره ووجب التساوي فيه ، وإن كانت عادتهم جارية لا يختلفون فيها ، ففي لزوم اعتباره بينهما وجهان :
أحدهما : لا يعتبر لوجوب تكافئهما في العقد ، فلم يجز أن يتقدم أحدهما على الآخر بشيء : لأنه يصير مصيبا بتقدمه لا بحذقه .
[ ص: 210 ] والوجه الثاني : يعتبر ذلك فيهما لأن العرف في العقود كإطلاق الأيمان ، فعلى هذا إن لم يختلف عرفهم في عدد الأقدام حملا على العرف في عددها ليكون القرب بالأقدام في مقابلة قوة النفس بالتقدم .
وإن
اختلف العرف في عدد الأقدام اعتبر أقل العرف دون أكثره ، فإن تقدم أحدهما على الآخر بما لا يستحق فلم يحتسب له بصوابه ، واحتسب عليه بخطئه .