مسألة : قال
الشافعي : (
ويرمي البادئ بسهم ثم الآخر بسهم حتى ينفدا نبلهما ) .
قال
الماوردي : وهذا فيما يختص بالرمي دون السبق لاختصاص الرمي بالمبتدئ ، فاختص بما يواليه من عدد ما يرمي ، فإن شرطاه في العقد حملا فيه على موجب الشرط ، وكان الشرط أحق من العرف ، فإن
شرطا أن يرميا سهما وسهما ، أو شرطا أن يرميا خمسا وخمسا ، أو شرطا أن يواصل كل واحد منهما رمي جميع رشقه ، رمى كل واحد منهما عدد ما أوجب الشرط ، فإن زاد عليه لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا لخروجه عن موجب العقد ، وإن أغفل ولم يشترط في العقد لم يبطل العقد بإغفاله لإحكامه التكافؤ فيه واعتبر فيهما عرف الرماة ؛ لأنه يجري بعد الشرط مجرى الشرط ، فإن كان عرف الرماة جاريا حد الثلاثة المجوزة في الشرط صار كالمستحق بالشرط ، وإن لم يكن للرماة عرف لاختلافه بينهم رميا سهما وسهما ، ولم يزد كل
[ ص: 211 ] واحد منهما على سهم واحد حتى يستنفدا جميع الرشق ؛ لأن قرب المعاودة إلى الرمي أحفظ لحسن الصنيع .
فإن رمى أحدهما أكثر من سهم ، فإن كان قبل استقرار هذا الترتيب كان محتسبا به مصيبا ومخطئا ، وإن كان بعد استقراره لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا : لأنه قبل الاستقرار مجوز وبعد الاستقرار ممنوع .