مسألة : قال
الشافعي : ( وكذلك لو
انقطع وتره أو انكسرت قوسه فلم يبلغ الغرض ، أو عرض دونه دابة أو إنسان فأصابه ، أو عرض له في يديه ما لا يمر السهم معه كان له أن يعود ) .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ،
إذا انقطع وتره ، أو انكسر قوسه ، فقصر وقع السهم ، وأخطأ لم يحتسب عليه ؛ لأنه لم يخطئ لسوء رميه ، ولكن لنقص آلته ، ولو أصاب به كان محسوبا من إصابته ؛ لأنه أدل على حذقه ، وهكذا لو عرض دون الهدف عارض من بهيمة أو إنسان وقع السهم فيه ، ومنع من وصوله إلى الهدف لم يحتسب عليه ، وأعيد السهم إليه ، فإن خرق السهم الحائل ونفذ فيه حتى وصل إلى الهدف ، فأصاب كان محسوبا من إصابته ؛ لأنه بالإصابة مع هذا العارض أشد وأرمى ويسمى هذا السهم خارقا ، وقد كان
الكسعي في العرب راميا ، فخرج ذات ليلة ، فرأى ظبيا فرماه فأنفذه وخرج السهم منه ، فأصاب حجرا فقدح منه نارا فرأى ضوء النار في ظلمة الليل
[ ص: 212 ] فظن أنه أخطأ الظبي فقال : مثلي يخطئ ؟ ! . . . فكسر قوسه ، وأخرج خنجره ، وقطع إبهامه ، فلما أصبح ورأى الظبي صريعا قد نفذ السهم فيه ندم ، فضربت به العرب مثلا ، فقال الشاعر :
ندمت ندامة الكسعي لما رأت عيناه ما عملت يداه
وهكذا لو
عرض للرامي علة في يده أو أخذته ريح في يديه ضعف بها عن مد قوسه لم يحتسب عليه إن قصر أو أخطأ : لأنه لعارض منع وليس من سوء رمي وقلة حذق .