مسألة : قال
الشافعي : " وإن
قال ارم عشرة أرشاق ، فإن كان صوابك أكثر فلك كذا لم يجز أن يناضل نفسه " .
قال
الماوردي : اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة على وجهين :
أحدهما : أن
المزني حذف منها ما قد ذكره
الشافعي في كتاب " الأم " فقال فيه :
ولو قال له : ناضل نفسك ، وارم عشرة أرشاق ، فإن كان صوابك أكثر من خطئك فلك كذا لم يجز أن يناضل نفسه ، فحذف
المزني قوله : " ناضل نفسك " وأورد باقي كلامه ، وحكمه على هذه الصورة باطل باتفاق أصحابنا .
[ ص: 230 ] واختلفوا في تعليله ، فقال
أبو إسحاق المروزي : وهو الظاهر من تعليل
الشافعي أنه جعله مناضلا لنفسه ، والنضال لا يكون إلا بين اثنين ، فإن كثر ، فاستحال
نضال نفسه فبطل .
وقال آخرون : بل علة بطلانه أنه ناضل على خطئه بصوابه بقوله : إن كان صوابك أكثر من خطئك ، والخطأ لا يناضل عليه ، ولا به .
والوجه الثاني : أن المسألة مصورة على ما أورده
المزني هاهنا ، ولم يذكر فيه نضال نفسه ، وقال له : ارم عشرة أرشاق ، فعلى هذا يكون في صحته وجهان من اختلاف العلتين :
أحدهما : أنه صحيح ، ويستحق ما جعل له للتعليل الأول : لأنه بذل مالا على عمل لم يناضل فيه نفسه .
والوجه الثاني : أنه باطل للتعليل الثاني أنه مناضل على خطئه وصوابه ، ويتفرع عن هاتين المسألتين ثالثة :
واختلف فيها أصحابنا بأيهما تلحق على وجهين ، وهو أن يقول : ناضل وارم عشرة أرشاق فإن كان صوابك أكثر ، فلك كذا فتوافق المسألة الأولى في قوله : ناضل ، وتوافق المسألة الثانية في حذف قوله : ناضل نفسك ، وأحد الوجهين وهو قول
أبي إسحاق المروزي : إنهما في حكم المسألة الأولى في البطلان : لأجل قوله : ناضل ،
والنضال لا يكون إلا بين اثنين فصار كقوله : ناضل نفسك .
والوجه الثاني : أنها في حكم المسألة الثانية في حمل صحتها على وجهين من اختلاف العلتين إذا سقط قوله : ناضل نفسك صار قوله : ناضل ، يعني : ارم على نضال ، والنضال المال ، فصار كالابتداء بقوله : ارم عشرة أرشاق .