فصل : فأما غير هذا الاسم العلم من أسمائه تعالى ، فينقسم ثمانية أقسام :
أحدهما : ما يجري في اختصاصه به مجرى العلم من أسمائه ، وهو : الرحمن ، فيكون
الحالف به كالحالف بالله لأمرين :
أحدهما : أنه ليس يتسمى به غيره من خلقه ، ولئن طغى
مسيلمة الكذاب ، فتسمى : رحمان
اليمامة ، فهي تسمية إضافة لم يطلقها لنفسه ، فصار كمن لم يتسم به .
والثاني : أنه تعالى أضاف إلى هذا الاسم ما اختص به من قدرته ، وتفرد به من خلقه ، فقال :
الرحمن على العرش استوى ، فأجراه مجرى العلم من أسمائه الذي هو .
[ ص: 256 ] واختلف فيه أهل اللغة هل هو اسم علم أو صفة ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه اسم علم على غير مشتق من صفة ؛ لأن جميع أهل الملل قد سموه به ، ولم يختص باللسان العربي .
والوجه الثاني : أنه اسم عربي مشتق من صفته بالرحمة .
واختلفوا في هذه الرحمة المشتق منها الرحمن هل هي رحمة تفرد بها ، أو توجد في العباد مثلها على وجهين :
أحدهما : أنها رحمة توجد في العباد مثلها ، واختصاصه منها باشتقاق لفظ المبالغة في الرحمة ، ومشاركته لخلقه في الرحيم ، فلذلك كان الرحمن مختصا به ، والرحيم مشتركا .
والوجه الثاني : أنه مشتق من رحمة فرد الله بها دون خلقه ، وفي هذه الرحمة التي تفرد بها وجهان :
أحدهما : أنها رحمته لأهل السماء والأرض ، فيكون مشتقا من رحمة هي صفة لذاته ؛ لأنه مستحق لهذه الصفة قبل خلقهم .
والوجه الثاني : أنها صفة للرحمة ، فيكون مشتقا من رحمة هي صفة لفعله ؛ لأنه مستحق لهذه الصفة بعد خلق الرحمة .
وعلى كلا الوجهين تكون اليمين بهذا الاسم منعقدة في أهل الملل وغيرهم ، كانعقادها بالله ، سواء قيل اشتقاقه من صفة ذاته ، أو صفة فعله ؛ لأنها يمين بالاسم دون الصفة .