الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما المزني فإنه لما نقل في مسألة الكتاب أنه يحنث بالشك بالمشيئة قال : قد قال خلافه في باب جامع الأيمان ، والذي أشار إليه المزني في باب جامع الأيمان : ليست المسألة التي حكاها الربيع في كتاب الأم ، وإنما أراد ما قاله الشافعي إذا حلف ليضرب عبده مائة ، فضربه بضغث بجمع مائة شمراخ كما قال الله تعالى لأيوب حين حلف ليضرب امرأته مائة : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ، فإذا ضرب عبده بمائة شمراخ مجموعة ، فإن أحاط علمه بوصول جميعها إلى بدنه بر ، وإن أحاط عليه بأنه لم يصل جميعها إلى بدنه حنث ، وإن شك في وصول جميعها إلى بدنه لم يحنث ولم نجعله بالشك في وصول الضرب حانثا ، فبعث إلى المزني الجواب في مسألة الضرب على ما حكيت ، وفي مسألة المشيئة على ما ذكرنا ، وقد يقع الفرق بين الشك فيها ، فلا يحنث بالشك في وصول الضرب ويحنث بالشك في وجود المشيئة ، وإن كان الفرق ضعيفا ، هو أن الفعل في وصول الضرب قد وجد فغلب حكم الظاهر في وصوله : وليس لوجود المشيئة فعل يعمل على ظاهره ، فغلب حكم سقوطها . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية